ذوي عداوة شديدة للمؤمنين بل يميلون إليهم ويذعنون للعلم والحجة القاطعة والبرهان المقنع ، وقد كان رهبانهم وقساوستهم وعبّادهم يقصدون أئمتنا المعصومين عليهمالسلام ويسألونهم عن الكثير الكثير.
وقد قيل إن المراد بالنصارى هنا ، هم النجاشيّ وأهل الحبشة فإنهم كانوا حسب هذه الأوصاف فالنصارى على كل حال قريبون من المؤمنين كما قال عنهم خالقهم والعالم بسرائرهم (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ) أي رؤساء في العمل ومرشدين (وَرُهْباناً) علماء عبّادا زهادا (وَأَنَّهُمْ) جميعا ـ رؤساء وسوقة ـ و (لا يَسْتَكْبِرُونَ) وليس عندهم عجرفة اليهود ولا صلفهم لأنهم يخضعون للحق ويتخيّرون سبل الهداية إذا انكشفت لهم الحقيقة.
٨٣ ـ (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ ...) أي إذا وعوا بكامل سمعهم ما أنزله الله من آيات القرآن وبيّناته (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) أي يسيل الدمع منها ، ويبكون بدمع غزير (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ) أي من أجل أنهم توصّلوا إلى معرفة الحق و : من : بيان ل : ما ، الموصولية في قوله : ما عرفوا. ثم (يَقُولُونَ) مختارين ومقتنعين : (رَبَّنا آمَنَّا) أي صدّقنا وأسلمنا لك وأيقنّا برسولك وبكتابك الذي يشتمل على دينك. (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أي : سجّلنا مع من شهدوا بنبوّته ومن أمته الشاهدة على الأمم يوم القيامة.
وهذه الشريفة ، والتي سبقتها ، من قوله سبحانه الذي يخاطب به رسوله وينتهي عند : وذلك جزاء المحسنين ، كلها نزلت في النجاشي وأصحابه حينما هاجر إليهم جعفر بن أبي طالب عليهالسلام وأمره النجاشي بقراءة شيء من القرآن الذي نزل على محمد صلىاللهعليهوآله ، فقرأ عليهم الآيات التي نزلت في عيسى ومريم عليهماالسلام ورفعت من قدرهما ونزّهتهما ، فبكى النجاشي وأصحابه جميعا.
٨٤ ـ (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ ..) قوله تعالى : وما ،