يوما ثم لحق (ص) بالرفيق الأعلى ، فعمّت الأرض الوحشة بعد غروب قمرها المضيء الذي كشف للناس صراط الحياة المستقيم ، وطريق الجنّة والنعيم (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) أي لا يمكّنهم من رسوله الكريم ولا يستطيعون أن ينزلوا به مكروها من جرّاء ذلك البلاغ الذي عبّر سبحانه عن المتنكرين له بلفظ : الكافرين ، وإن كانوا قد أظهروا الإسلام.
والذي يلفت النظر إلى أهمية ذلك البلاغ أنه حصل في آخر حياة النبيّ (ص) الحافلة بالجهاد للدعوة ، وعن ثلاث وعشرين سنة قضاها (ص) في الدعوة والتبليغ ، فما معنى أن يقول الله تعالى له : وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته؟ .. أليس هذا أكبر دليل على أن الأمر جليل صدر عن جليلّ ، وجعل الولاية عدل القرآن وجعل الإمامة امتدادا للنبوّة والرسالة؟! ..
* * *
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩))
٦٨ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ ..) خطاب لليهود والنصارى يبيّن الله سبحانه فيه : أنكم لستم على الطريقة الشرعية التي سنّها