أولئك المؤمنين ووصفهم بأنهم يؤتون الزكاة (وَهُمْ راكِعُونَ) فانحصرت الولاية بعد الله تعالى ، وبعد رسوله الكريم (ص) بمن كان ساعتئذ يفعل الصدقة وهو راكع دون غيره من سائر العالمين في ذلك الوقت.
ثم نلاحظ أن جملة : الذين يقيمون الصلاة ، بيان لقوله : والذين آمنوا. وجملة : وهم راكعون في محل نصب لأنها حال من فاعل : يؤتون الزكاة. ولو قيل إنها حال من الفعلين ـ يقيمون ، ويؤتون ـ على معنى : وهم متخشّعون في صلاتهم وفاعلين لزكاتهم ، لقلنا : إن إطباق المفسّرين من الشيعة والسّنة والأخباريين الخالين عن العصبية ، على نزول هذه الآية الكريمة في عليّ عليهالسلام ، يأبى أيّ اعتراض إذ يدحضه : تركيب الآية اللغوي ، وسبب نزولها الذي ذكره سائر الرواة وبيّنوا أن النزول كان حين كان علي راكعا في صلاته في المسجد وحين سأله سائل ـ وهو على تلك ـ الحال ـ فأومأ إليه بخنصره فأخذ خاتما كان يلبسه في خنصره الشريف ذاك. ونزولها في ذلك الحين بالذات هو المرويّ باستفاضة كاملة شاملة ، وهو المرويّ أيضا عن أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فهذه الآية نصّ صريح على ولايته من قبل الله عزوجل على المؤمنين. وهي خير شاهد على إمامته ، لأنها نصّ من الله سبحانه في كتابه الكريم قد نزل وحيدا كريما على رسوله الكريم ، والله خير الشاهدين في كل حال من الأحوال.
أما الإتيان بصيغة الجمع ، فلأنه لو كان بصيغة الإفراد لأخذ من القرآن وطرح ، مضافا بأنه لا يحتاج إلى صيغة للأفراد لأن من أفراد الجمع الذي كان واجدا لهذه الشرائط الأربع : الإيمان ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والركوع حينئذ ـ لم يكن غير عليّ عليهالسلام. فالإتيان بصيغة الجمع جامع للجهات الأولى الأربع التي أشرنا إليها به عليهالسلام في تلك اللحظة من الزمان.
ثم إن تعقب ولايته (ع) لولاية الله وولاية رسوله ، دليل على أنه وليّ