مفردها : وليّ ، أي من يقوم مقام الشخص في جميع أموره عند الحاجة لشدة ما بينهما من محبة وإخلاص وثقة. فليس هؤلاء ولا هؤلاء محل اعتماد لذلك الولاء المتبادل ، وخاصة اليهود فإن عداوتهما شديدة للمسلمين ولؤمهم وحقدهم ذاتيان ، وهم يرون الحق ويغمضون أعينهم عنه بل يحاربونه لأنه يحول بينهم وبين صفاتهم الفاسدة وأعمالهم المعاندة .. فاليهود والنصارى (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) فلا ينبغي للمؤمنين أن يتولّوهم (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي من يخلص لهم الولاء ويلقي إليهم بولاية أمره فإن حكمه كحكمهم وهو منهم سواء بسواء ، ويكون بذلك قد ظلم نفسه كما ظلموا أنفسهم (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) لأنهم اختاروا لأنفسهم ظلم أنفسهم وظلم غيرهم والله لا يتولّى هداية الظالمين.
لكن إذا كفّ اليهود والنصارى أذاهم عن المسلمين ، فالمسلمون يبسطون لهم يد البر والإحسان لعدالة قانونهم الإسلامي الشريف ، عملا بما يشير إليه قوله تعالى : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
نعم قال سبحانه وتعالى بعد الآية السابقة ؛ (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ..) فالله سبحانه وتعالى رسم لنا الطريق ، وبيّن تكليفنا مع اليهود والنصارى بهاتين الآيتين الشريفتين .. ولا يخفى أنه تعالى نهانا عن تولّيهم لأنهم متحدون في الكفر ، ومجتمعون على حرب الحق الذي جاء به الإسلام.
وتولّيهم ـ كما لا يخفى ـ يؤدي إلى حبهم وموادّتهم ، وإلى العمل بعملهم ، ومن أحب حجرا حشره الله معه .. فالتولّي ذو أهمية لأنه يقرّب بين المولى ووليه. وقد قال إبراهيم عليهالسلام كما نصّ القرآن الكريم : ومن تبعني فإنه منّي. وفي العياشي عن الصادق عليهالسلام : من تولّى آل محمد صلوات الله عليهم وقدّمهم على جميع الناس بما قدّمهم من قرابة رسول الله صلىاللهعليهوآله فهو من آل محمد صلوات الله عليهم ، بمنزلة آل محمد (ص).