النزول في محل تتوفر فيه اللوازم للغسل (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) أي رجع من قضاء حاجته الطبيعية في الغائط الذي هو الجزء المنخفض من الأرض يتوارى فيه الإنسان عن أعين الناس لقضاء حاجته وقد كنّى سبحانه باسمها عن الفعل الذي يتغوّط فيها من أجله (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) هي كناية لطيفة عن مباشرتهن ومجامعتهن. فإذا كنتم في حالة من تلك الحالات : المرض ، والسفر ، والتغوّط ، وملامسة النساء التي تؤدي إلى خروج المني أو إدخال الفرج بالفرج أو هما معا (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) والصعيد الطيب : هو التراب النظيف الطاهر ، والتيمم هو ـ لغة ـ القصد إلى الشيء. والتيمم للصلاة هو مسح اليدين والوجه بالتراب وبمطلق وجه الأرض وإن كان حجرا أملس ، واشتراط وجود الغبار على ما يتيمم به لا صحة له. والتيمم بكامل كيفيته تكلّمنا عنه في سورة النساء وهو مفصل في الكتب العملية الفقهية ومن شاء فليرجع إليها (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) أي ما فرض الله عليكم هذه الطهارات ليوقعكم في ضيق وتعب (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) أي يأمركم ويندبكم لتلك الطهارات الظاهرية من أجل تزكية أبدانكم وتنظيفها من الأوساخ وإزالة الخبث عنها وإزالة جميع الأقذار والأدران التي قد تعلق بالأيدي وتفرزها الأجسام. ومن جرّب الاغتسال من الجنابة وأزال تلك الأوساخ في حينها يحس فورا بنظافة جسمه ونقاء نفسه ونورانية قلبه لتخلّصه من أوساخ كانت تسد منافذ بدنه وتلطّخ أجزاءه. ففرض الوضوء والغسل من جانبه تعالى لم يكن لا يجاد الحرج والضيق ، بل للتطهير والإخراج من ظلمات الجهل إلى نور الايمان ، وللتخلص من الوسخ والقذر إلى نظافة الأبدان. وقد ورد في الحديث أن الوضوء يكفّر ما قبله ، وأن الطهارة كفّارة للذنوب كما هي رافعة للاحداث ، وقد سنّها الله سبحانه لكم ليزكّي أبدانكم ويطهر نفوسكم (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) بما ذكر لكم من التشريع في هذه المواضيع (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) تحمدون نعمه ، فإن