كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩))
١٣٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..) الخطاب لكافة المسلمين الذين أظهروا الإسلام بألسنتهم ، وبدوا مسلمين بظاهرهم. يقول لهم تعالى : (آمَنُوا) صدّقوا بقلوبكم وآمنوا إيمانا حقيقيّا بحيث يتطابق ما في قلوبكم مع ما في ألسنتكم ، ويثبت الإيمان ويترسخ في جميع جوارحكم فتؤمنوا حقيقة (بِاللهِ) ربكم (وَرَسُولِهِ) نبيكم (وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ) قرآنكم (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ) الله تعالى (مِنْ قَبْلُ) على رسله وأنبيائه السابقين.
فالمراد بالكتاب الأول : القرآن ، وبالكتاب الثاني : الجنس كالتوراة والإنجيل وغيرهما. والفرق بين نزّل وأنزل ـ أي بين التنزيل والإنزال ـ أن الأول يقال في النزول التدريجي ، والثاني يقال في النزول الدفعي. فإن كتب الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام كان نزول كلّ منها دفعة واحدة ، بخلاف القرآن الذي نزّله الله تعالى منجّما أي أجزاء وبمناسبات كما أشرنا فيما مضى. ونحن نرى أن هذا الفرق من نسج بعض مخيّلات من يفسرون تفسيرا شعريّا لأن اللفظتين ـ نزّل وأنزل ـ وردتا بخصوص نزول القرآن الكريم وبخصوص بقية الكتب السماوية الأخرى ،. فلا مدرك لهذا الفارق بالحقيقة حتى في كتب اللغة التي تعتبر اللفظتين مشتركتين في المعنى يستعملان في القرآن وفي غيره وفي كتب السلف الصالح على السواء ، ولو كان من فرق لبان. وببالي أن هذا الفرق نسبوه للغزالي ، ولا بعد في نسبته إليه لأنه كثيرا ما أورد مثل هذه الأفكار في إحيائه وفي غيره من كتبه.