يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣) مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤))
١٣١ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ..) هذا بيان لكمال سعته التي تكلم عنها سبحانه في ختام الآية السابقة ، وهو غنيّ بذاته يملك جميع الأكوان العلوية والسّفلية ، وكلها تحت يد قدرته. فذاته العظيمة تهيمن على ذلك الملك العظيم من الذّرة الى الدّرة ، وتملك وتتصرف في كل شيء كما تشاء ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممّن يشاء ... والشريفة بيان لكمال قدرته أيضا ، وتفصيل لما نحن فيه من ملكه والكبير وسعة عطائه الكثير ، بعد هذه القدرة والإحاطة بملكية العوالم والكائنات طرّا من الهباء والهوام الى السماوات والأرض والكواكب والمخلوقات الجسام ، فهو تعالى ، لا يتعذّر عليه الإغناء بعد الفراق والطلاق ، ولا يصعب عليه الإيناس بعد تلك الوحشة إذ بيده مقاليد الأمور ولا يحصل شيء إلا بقدرته ، ولذا قال مفصّلا : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا) أي أمرنا مؤكّدا (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) اليهود والنصارى وغيرهم في كتبهم المنزلة على أنبيائهم عليهمالسلام. واللام في : الكتاب ، للجنس ، لأن اللفظة تتناول الكتب السماوية بأجمعها. وكلمة : من ، تتعلق بوصّينا أو بأتوا. فلقد أمرنا أصحاب الكتب السماوية (وَإِيَّاكُمْ) أي أمرناكم أنتم ، وهي عطف على الذين ، إذ وصّيناكم ـ يا أمة محمد ـ في كتابكم ، وأمرنا الكل (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) تجنبوا مخالفة ما يأمر به. يعني وصّى الجميع بالتقوى ، لأن : أن ، مصدرية وقد حذف من أولها حرف الجر. فإياكم وترك التقوى (وَإِنْ تَكْفُرُوا) تجحدوا وتنكروا ما نقول ولا تتّبعوا أمرنا (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) له ملكا وخلقا وحياة ومماتا ووجودا وعدما ، ولا يضره كفركم كما أنها لا تنفعه تقواكم ولا يزيد في ملكه وعظمته إيمانكم كما أنه لا ينقص منها كفركم.