من شئت من المستحقين. ولم يذكر الشر لأن أفعاله سبحانه صادرة عن المصالح وطبق الحكمة وكلها خير محض ، ولا يعقلى من الفيّاض المطلق إلّا الخير المطلق (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مستطيع ذو قدرة مستطيلة تفعل ما تشاء ولا يفعل ما يشاء غيرك ، يدلّنا على ذلك مظاهر قدرتك وعجائب تصرّفك بالكون ، الدالة على أنك كما قلت لنبيك (ص) قادر على المكونات قدرة تامة كاملة.
٢٧ ـ (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ..) تولج : من ولج وأولج ، أي دخل في الشيء وأدخله فيه. فأنت يا رب تدخل من الليل في النهار ، وتدخل في ذاك من هذا ، فما زاد في أحدهما فهو نقص في الآخر ، كنقصان نهار الشتاء وزيادة ليله وكزيادة نهار الصيف ونقصان ليله تدريجيا في هذا وذاك وفيما يتردد بين الزيادة والنقصان .. فإن قيل : ما الفائدة من التكرار؟ .. يجاب بأن فيه تنبيه على أمر مستغرب عجيب. وهو حصول الزيادة والنقصان معا في كلّ من الليل والنّهار بحسب اختلاف وقوع المناطق في الشمال من خط الاستواء ، أو الجنوب منه ، وبحسب تحرّكات الأرض أثناء دورانها المستمر في مختلف الفصول ، وبحسب ما يتراءى منها للشمس أثناء تلك التحركات وذلك الدوران. فهي في تحركاتها ، بين أن يرتفع القطب الشمالي من الأرض الى أقصى حدّ مقرّر له ، فتواجه الشمس القسم الأكبر من مناطقه مدة أطول فيطول النهار فيها ويقصر الليل ، وبين أن يأتي دور انحناء الكرة الأرضية في فصول أخرى فيبتعد القطب الشمالي مع ما يليه من مناطق عن الشمس ، ولا يتراءى لها إلا القسم الأقل في مدة أقلّ فيقصر النهار ويطول الليل. ولذا كانت الزيادة في النهار ، والنقصان في الليل أو العكس يقعان في وقت واحد ولكن في منطقتين متقابلتين من الكرة الأرضية.
والحاصل أن الليل يأخذ من النهار أو يعطيه ، بحسب تعاقب فصول السنة ، وبحسب دوران الأرض حول محورها ، وبحسب تحرّكها في قبالة