الصافي عن بعض الرواة : أن الملائكة قال بعضهم لبعض : اتّخذ ربّنا من نطفة خليلا ، وقد أعطاه ملكا عظيما جزيلا. وكأن الله سبحانه أراد أن يكشف لملائكته ما خفي عنهم من خلة إبراهيم عليهالسلام ، فأوحى إليهم أن اعمدوا الى أزهدكم ورئيسكم ، فوقع الاتفاق على جبرائيل وميكائيل ، فأنزلهما الله على إبراهيم عليهالسلام في يوم جمع فيه غنمه. وكان لإبراهيم (ع) أربعة آلاف راع لأربعين ألف غنمة ، وما شاء الله من الخيل والجمال. فوقف الملكان في طرفي الجمع فقال أحدهما بصوت رخيم : سبّوح قدّوس. فجاوبه الثاني : ربّ الملائكة والروح. فقال إبراهيم (ع) : أعيداهما ولكما نصف مالي. ثم قال : أعيداهما ولكما نصف مالي وولدي وجندي ..! فنادت ملائكة السماوات : هذا هو الكرم ، هذا هو الكرم! .. فسمعوا مناديا من العرش يقول : الخليل موافق لخليله.
١٢٦ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...) لللام في : لله ، يمكن أن يكون للملك الذي هو أحد معانيها. ومعنى الملك ، هو ما يملكه الإنسان ويتصرّف به. ومن معانيه العظمة والسّلطة ، وكلّ ذلك يناسب المقام ، فإن السماوات والأرض ومن فيهن وما فيهن ملكه تعالى يتصرف فيه كيف يشاء بلا معارض ولا منازع. وهو العظيم الواحد ذو السلطان والجبروت عليهنّ بمن فيهن وما فيهن». وجميع المخلوقات العلويّة والسّفلية محتاجة اليه عزّ وعلا ، وهو غنيّ عنها ، فله ملك السموات والأرض بهذه المعاني جميعها (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما من حيث العلم والقدرة ، فهو عالم قادر على جميع ما في الكائنات ، داخل فيها وليس فيها بتماسّ أو مخالطة ، وليس فيها شيء خارجا عن علمه وقدرته ، وإحاطته تكشف عن غاية عظمته وكبريائه ، فسبحان من هو مالك كل ملك وينتهي ملك كل شيء إليه.
* * *