وجعلها عليه بردا وسلاما ، وجعله للناس إماما يقتدون بفكره وعقله وإيمانه الراسخ وبكثير من تعاليم شريعته الغراء.
والخلة هنا بمعنى المحبة والصداقة كما قلنا. ويحتمل أن تكون من الخلة بمعنى الفقر والاحتياج والانقطاع الى الله تعالى والتوكل عليه. فإن إبراهيم عليهالسلام لمّا رماه النمرود اللعين بالنار ، قال ربّ العزة : يا جبرائيل أدرك خليلنا. فقال جبرائيل لإبراهيم (ع) : هل لك حاجة؟ قال : أمّا إليك فلا .. فنادى الربّ عزّ وعلا : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) ، فنجّاه الله ونصره في أشد أوقات ضيقه كما المحنا في غير هذا المكان. وهذا يكشف عن كمال انقطاعه لله تبارك وتعالى ، وعن تمام اتكاله عليه ، وعن عميق اعتقاده بأنه ناصره ومؤيده. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : إن إبراهيم كان أبا الأضياف ، وكان إذا لم يكونوا عنده خرج يطلبهم ، وأغلق بابه وأخذ المفاتيح يطلب الأضياف. وإنه رجع الى داره فاذا هو برجل في الدار ، فقال : يا عبد الله بإذن من دخلت هذه الدار؟ فقال : دخلتها بإذن ربّها ـ يردّد ذلك ثلاث مرات ـ فعرف إبراهيم عليهالسلام أنه جبرائيل. فحمد ربّه ثم قال : أرسلني ربّك الى عبد من عبيده يتّخذه خليلا. قال إبراهيم : أعلمني من هو أخدمه حتى أموت. قال : أنت. قال : وبم ذاك؟ قال : لأنك لم تسأل أحدا شيئا قط ، وحين سئلت عن حاجتك قلت : لا.
وفي القمي عن الصادق عليهالسلام : إن إبراهيم هو أول من حوّل له الرمل دقيقا. وذلك أنه قصد صديقا بمصر في قرض طعام ، فلم يجده في منزله ، فكره أن يرجع بالحمار خاليا. فألهم أن يملأ جرابه رملا لئلا يخجل من زوجته سارة. فلما دخل المنزل خلّى بين الحمار وبين سارة استحياء ودخل البيت ونام. ففتحت سارة الجراب عن أجود دقيق يكون. فخبزت وقدّمت اليه طعاما طيّبا ، فقال إبراهيم : من أين لك هذا؟ فقالت : من الدقيق الذي حملته من عند خليلك المصري. فقال إبراهيم : أمّا أنه خليلي فنعم ، وليس بمصري. فلذلك أعطي الخلة ، فشكره وحمده وأكل. وفي