٩٨ ـ ٩٩ (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ ...) أي الذين استضعفهم المشركون من الذين يعجزون عن الهجرة بسبب عسر حالهم وقلة حيلتهم لأنهم عذرهم سبحانه وبيّن حالهم إذ (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) فهم لا يقدرون على الخروج من مكة من بين المشركين لقلة سعيهم ، ولجهلهم بالطريق (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) فلعلّه يغفر لهم ويتفضّل بالصّفح عنهم في تركهم الهجرة من بين الكفار لأنهم لم يمتنعوا عنها اختيارا (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا) أي لم يزل ذا صفح عن ذنوب عباده بفضله (غَفُوراً) ساترا لذنوبهم ، ، ومتجاوزا عن معاصيهم. وقيل إن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يدعو عقيب صلاة الظهر بتخليص ضعفة المسلمين من أيدي المشركين.
١٠٠ ـ (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ ....) ومن يهاجر أي يفارق أهل الشرك ويهرب منهم بدينه ، ويفرّ من وطنه إلى موطن الإسلام ، وهذا معنى : في سبيل الله ، فإنه (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ) في غير وطنه (مُراغَماً) أي متحوّلا ، وهي من الرغام أي التراب. ويقال : راغمت فلانا أي هاجرته وإن رغم أنفه أي ألصق بالتراب. فالمراغمة في الأرض هي الاضطراب فيها والتجوّل والتحوّل من مكان الى مكان حيث يجد الإنسان فرجا (وَسَعَةً) توسعا في الرزق وحسن الحال والتخلص من الضيق السابق .. (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) أي يفرّ بدينه من المشركين لئلا يلزموه بطريقتهم (ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) أي يلحق به الموت وهو في بطريقه ، قبل الوصول إلى دار الهجرة ووطن المسلمين (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أي حصل له الثواب وجزاء هجرته في سبيل الله ، وأخذ الله تعالى له على نفسه الأجر وحسن الثواب (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) متجاوزا عن ذنوب عباده بكرمه وعفوه (رَحِيماً) بهم شفيقا رفيقا.
فعن النبيّ (ص): أن من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ، وإن كان شبرا من الأرض ، استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهماالسلام ، وروى العياشي بإسناده عن محمد بن عمير أن زرارة بن أعين وجّه