وكرّمه (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) لم يزل غفارا عفوّا عن عباده ، رحيما بهم متفضلا عليهم.
وقد يسأل سائل : كيف قال في أول الآية : فضّل الله المجاهدين .... على القاعدين درجة ، ثم قال في آخرها : وفضل الله المجاهدين .... أجرا عظيما ودرجات أيضا؟ وهذا متناقض بحسب الظاهر .. وأجيب عن ذلك بجوابين :
أولهما : أنه في أول الآية فضّل المجاهدين على القاعدين من أولي الضرر درجة ، وفي آخرها فضّلهم على القاعدين غير أولي الضرر درجات. فلا تناقض إذ وعد الكلّ بالحسنى.
وثانيهما : قاله الجبائي : أراد بالدرجة الأولى علوّ المنزلة على وجه المدح ، كما يقال فلان أعلى درجة عند الخليفة. وأراد بالثانية الدرجات في الجنة حيث يكون التفاضل بين المؤمنين .. وقد جاء في الحديث أن الله فضّل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة ، بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمّر ..
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ