إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣))
٦٠ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا ...) ألا تنظر ـ يا محمد ـ الى الذين ادّعوا أنهم صدّقوك وآمنوا (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) من التوراة ، ومع ذلك إذا شجر بينكم خلاف معهم (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) أي أن يجعلوه حكما في النّزاع. والمقصود بالطاغوت هنا كعب بن الأشرف ، فإنه قد اختلف مسلمون منافقون مع يهودي فدعا اليهوديّ المسلمين الى محمد (ص) ليحاكمهم عنده ، فقال المنافقون بل ندعوك الى كعب وهم يعلمون أن كعبا ممّن استزلّهم الشيطان وأنه طاغوت جبّار لا ينبغي التحاكم اليه ككل طاغوت لا يحكم بالحق ـ فعلوا ذلك مع أنهم عرفوا كفره ونفاقه وحربه للمسلمين (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) أمرهم النبيّ بعدم تصديقه لأنه مناصب للدعوة الاسلامية فهم يريدون أن يتحاكموا اليه نفاقا في دينهم وميلا عن تحكيم محمد (ص) (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) وينحرف بهم عن الحق لأنه عرف فيهم النفاق فعرف أنهم من أتباعه.
٦١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ ...) يتابع سبحانه الحديث عما في قلوب هؤلاء المنافقين الذين إذا دعوا الى المحاكمة وفق ما أنزل الله من القرآن والأحكام (وَإِلَى الرَّسُولِ) الذي يعلم أحكام الله ويطبّقها ويحكم فيما بين الناس (رَأَيْتَ) يا محمد هؤلاء (الْمُنافِقِينَ) الذين أظهروا الإيمان بك وأبطنوا النفاق (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) يعرضون عنك ويحملون غيرهم على الإعراض ، ويحولون بين الناس وبينك ...
٦٢ ـ (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ...) أي : فكيف تكون حالهم ، وماذا يصنعون إذا حلّت بهم نكبة وعرضت لهم عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي