٣٩ ـ (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...) أي أيّ ضرر يتوجه إليهم ويقع عليهم إذا صدّقوا بالله واعتنقوا عقيدة الإسلام له والتسليم لأوامره ، وصدّقوا ـ كذلك ـ بالبعث والحساب في اليوم الآخر يوم القيامة؟ ... والآية الشريفة توبيخ لهؤلاء الجهلة على جهلهم بموارد نفعهم ، وفيها تنبيه إلى أن الدعوة لأمر لا ضرر فيه ينبغي أن تجاب من قبل المدعوّ ولو احتياطا لأمره. فكيف إذا تضمّنت المنافع وأطاع هؤلاء أمر الله (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) وأدّوا حقوق أموالهم لمستحقّيها (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) عالما حق العلم ، يجازيهم وفق أعمالهم. ولا يخفى ما في الآية من وعيد خفيّ إلى جانب التوبيخ.
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ...) أي أنه سبحانه لا ينقص من الأجر ولا يزيد في العقاب بمقدار زنة الذّرة ، أي الجزء الذي لا يتجزأ من الهباء والأشياء ، فإنه تعالى غنيّ عن الظلم ، ولعلمه بقبحه فيستحيل عليه حكمة لا في القدرة (وَإِنْ تَكُ) أنّث الضمير لتأنيث الخبر أو لإضافة المثقال إلى مؤنث. فإنها إن تكن الذرة (حَسَنَةً يُضاعِفْها) وقرئ يضعّفها ، أي يزيدها بمقدار المثل أو أكثر (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) يعطي في الآخرة عطاء كثيرا لفاعل الحسنة.
٤١ ـ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ...) أي فكيف يكون حال هؤلاء يوم القيامة إذا أحضرنا شاهدا من كل أمّة يشهد عليها بأفعالها (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) تشهد على هؤلاء الذين يسمعون الدعوة ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، أو تشهد على أمّتك أو على جميع الخلائق. ففي الكافي عن الصادق عليهالسلام : نزلت في أمة محمد صلىاللهعليهوآله خاصة. في كل قرن منهم إمام شاهد عليهم ، ومحمد صلىاللهعليهوآله شاهد علينا. وتمام الكلام قد مضى في سورة البقرة عند قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ...)
٤٢ ـ (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ ...) يومئذ ، يعني : يوم القيامة ، والحساب ، ذلك اليوم المذهل. فعن الصادق عن جدّه أمير