إحسانكم والرأفة بهم (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) ومثل أولئك جميعا قريبك الذي قرب جواره فينبغي معاملته بالإحسان أيضا (وَالْجارِ الْجُنُبِ) أي الذي يجاور في المسكن ويكون بعيدا في النسب فلتكن معاملته كمن ذكرنا في صدر الآية الكريمة. وعن الباقر عليهالسلام : حدّ الجوار أربعون دارا ، من كل جانب. وقد قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ أربعين دارا جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. وعنه عليهالسلام : حسن الجوار يزيد في الرزق. وفي رواية : يعمر الديار ويزيد في الأعمار. وفي رواية : حسن الجوار صبرك على الأذى. فأحسنوا الجوار مع من يشمله تعريف الجوار (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) يعني الذي يجاورك من جهة ، ويصاحبك في الحضر والسفر ، كالزوجة والرفيق الذي غالبا ما يسافر معك ، وككل من يصاحبك في السراء والضراء (وَابْنِ السَّبِيلِ) المسافر الذي يسرق ماله أو يضيع منه ، أو يضل عن الطريق ، أو ينزل ضيفا على الإنسان وأمثال ذلك ، فإنكم مطالبون بالإحسان إليهم جميعا (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يعني : أرقاؤكم من العبيد والإماء والخدم الذين تجب معاملتهم بالحسنى (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) والمختال هو المتكبّر الذي يتعالى ويأنف من أقاربه وأصحابه وجميع من ذكرهم سبحانه من أصحاب الحاجة إلى حسن المعاملة ، والذي يفتخر عليهم ويرى علوّ شأنه عنهم ، فإن الله تعالى لا يحبه لتكبّره وتفاخره على عباده.
٣٧ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ...) أي يبخلون بما أنعم الله عليهم من الأموال والأولاد والجاه بين الناس ونحو ذلك ، ثم لا يرضون بما أعطى الله لعباده بل يأمرون الأغنياء بالبخل والشّح كما يبخلون هم ويشحّون. وفي الفقيه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : ليس البخيل من أدّى الزكاة المفروضة من ماله وأعطى البائنة في قومه ، إنما البخيل حق البخيل من لم يؤدّ الزكاة المفروضة من ماله ، ولم يعط البائنة في قومه وهو يبذّر فيما سوى ذلك ... وقد فرّقوا بين الإسراف والتبذير بأن التبذير هو الإنفاق فيما لا ينبغي ، والإسراف هو الصرف زيادة على ما ينبغي. وأما