ولا تؤذوهن لأن التائب من ذنبه كمن لا ذنب له (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) فاحذروه لأنه تعالى أقدر عليكم من قدرتكم على نسائكم ، وهو مع علو شأنه وعظيم قدرته تعصونه ويقبل توبتكم فاقبلوا توبتهن ولا تقفوا منهن موقف بغي.
٣٥ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما ...) أي إذا خفتم خلافا يقع بينهما ، وأصله إن حذرتم شقاقا ـ أي نزاعا يجرّ إلى صعوبة حياتهما ـ وقد أضيف إلى الظرف اتّساعا ، والضمير يعود للزوجين المدلول عليهما بذكر الرجال والنساء ... في حالة خوف الخلاف (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) يعني أرسلوا للصلح بينهما رجلين عدلين صالحين لإجراء الحكومة فيما يشجر بينهما من خلاف. وقد اختار سبحانه حكما من أهلها لأن الأقارب يكونون أعرف بحالها وبما يصلحها والمشهور أن هذا يكون على الأغلب ، فلو كان الحكمان من الأجانب الواجدين للشروط المذكورة صحّ ذلك. والأظهر أن بعثهما يكون للتحكيم لا للتوكيل ، فلا يشترط رضاهما إلّا في التفريق ، وقيل لا يشترط مطلقا ، ف (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) والضمير في قوله تعالى : أرادا ، راجع إلى الحكمين ، والتوفيق من الله يكون بتوجيه الأسباب نحو المطلوب من الخير للزوجين. فبالنتيجة إنه سبحانه يعيّن الحكمين على قصدهما الإصلاح بأن يلقيا المحبة بين الزوجين فيتم ذلك بحسن نيّتهما وإرادتهما له وبلطف منه تعالى وبحسن توفيقه (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) بكل شيء ، يعلم كيفية رفع الشقاق التي يباشرها الحكمان ، وخبير بإيقاع الوفاق الذي يجريانه ، وعارف بما في الظواهر والبواطن.
* * *
(وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ