وقد يكون القائل في مقام بيان الطبقية في الولديّة فيقول : هذا ليس ولدي بل ولد ولدي. فإن النفي بلحاظ رتبة من رتب الولديّة لا بلحاظ أصل الولدية. وقد يراد النّص على العموم كما يقال : أنا أبو أولادي نسلا بعد نسل وبطنا بعد بطن.
والحاصل أن قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) ، هو إجمال ، والتفصيل جاء في الميراث ، وهو هذا : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أي للذكر من الأولاد في حال الاجتماع مع نوع الإناث في الطبقة الواحدة نصيب ، يوازي نصيب اثنتين من الإناث من الميراث. يعني أنه قد ضوعف حظّ الصبيّ عن حظّ البنت وفضّله الله تعالى عليها فأعطاه مثلي سهمها. وقد سئل الإمام عليهالسلام عن الحكمة في تفضيل الذكر بالحظّ على الأنثى فأجاب بأن الرجال يعولون ويعطون مهورا للنساء وعليهم جهاد ونفقات ومعقلة في الدّيات ، والمرأة تكون عالة وتأخذ مهرا وتصبح عند زوجها واجبة النفقة. وقد ذكرت روايات في هذا الموضوع في تفسير البرهان عن الصادق والرضا عليهماالسلام كما ذكر مثلها بعض المعتمدين من المفسرين.
ثم قال تعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) أي المولودات للوارث قد افترض سبحانه كونهنّ نساء خلّصا ليس معهنّ ذكر. وفوق اثنتين محلّه خبر ثان ويحتمل كونه صفة للنساء. ففي حالة كون المولودات كلهنّ نساء (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) أي ما خلّف الميّت الذي هو معلوم من القرائن المقامية. وقد أجمع المسلمون عدا ما يحكى عن ابن عباس ، على أن حكم الاثنتين حكم الأكثر. فقد قال ابن عباس : حكم الاثنتين حكم الواحدة لأن الثلثين لما فوق الاثنتين بنص الآية الشريفة ، فدار أمر الاثنتين بين أن لا يكون لهما حكم ، أو حكمهما حكم الواحدة ، والأول خلاف الإجماع ، فثبت الثاني ..
والعجب من ابن عباس كيف جهل الحكم وخفي عليه إرث البنتين