برشدهم ، ثم أمر بوظائف تخص كيفية تزويج نساء اليتامى وجعل المهور لهنّ وإعطائهنّ حقوقهن ، عقّب على ذلك بعدم دفع الأموال للسفهاء ، وأمر بصيانتها عن التلف والإتلاف لجامع اشتراك السفهاء مع الأيتام بحاجتهم إلى من يتولّى أمورهم ويدبّرها وينظّم كافة شؤونهم ، فقال عزّ من قائل : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) أي التي جعل لكم الله الحق في القيام عليها لحفظها وصيانتها. وقياما أصلها : قواما وقد بدل الواو ياء لمناسبة كسر ما قبله ، ويمكن أن يكون مفعولا لفعل مقدّر أي : لتقوموا قياما ، أي لتنهضوا بمسؤوليتها نهضة اعتداليّة. والسفيه من السفه وهو الخفة في العقل والطيش. والسفيه هو الذي لا يقصد في أموره وجها واحدا صحيحا ، ويتصرّف لا عن ملاك ورويّة صائبة ، ولذلك يضع الأمور في غير مواضعها. فقد يصرف المال في الحرام والملاهي وما أشبه ذلك ، وقد يبذّره وهو يظن أنه لم يفعل شيئا. وفي المراد من السفهاء أقوال ، منها قول ابن عباس المؤيد برواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام ، وهو أن الرجل إذا علم أن امرأته سفيهة مفسدة للمال ، أو علم أن ولده سفيها لا يؤمن على المال ، لم ينبغ له أن يسلّم أحدهما مالا ولا أن يأمنه على تصرّف في مال. وهذا القول ، بمقتضى ظاهر الأحوال أقوى الأقوال. بيان ذلك أنه جاء في بعض الأقوال أن السفيه مطلق النساء لنقصان عقولهنّ ، فهنّ بحكم السفيه ، وهذا غير وجيه. ومن الأقوال أن السفيه عامّ في كل سفيه من صبيّ أو مجنون أو محجور عليه لتبذيره وإسرافه في المال وفي بقية الأمور. هذا ، ولكن الذي هو محل ابتلاء الإنسان العادي هي زوجته وأولاده. فيحتمل قويا أن الإنسان مع علمه بخفّة عقول هؤلاء ، قد يسلّطهم على ماله أحيانا مع علمه بإسرافهم ، يفعل ذلك بدافع الحب المفرط لهم ولا سيّما إذا كانت الزوجة متسلّطة أو الولد وحيدا ، فإنهما يفعلان ما يريدان. فالله تعالى منع ذلك ونهى عنه منعا شديدا. أما الأغيار فلا يحتمل أن يسلّطهم الإنسان على ماله قطعا ، فكيف إذا كانوا سفهاء؟ ...