وآخرته. وقد قدم سبحانه المال على الأولاد ، لأن الإنسان أكثر اعتمادا على المال في دفع الحوادث. والمال حلّال المشاكل عند أهل الدنيا. بل قد يفيد الأولاد آباءهم وأمهاتهم نوعا في دفع الحوادث والآلام عن طريق المال أيضا حين يكون في أيدي الآباء والأمهات شيء من حطام الدنيا. فيحوطونهم بالعناية ما درّت عليهم منهم معايشهم أما إذا كانوا صفر الأيدي فقد لا يعتنون بهم ... هذا والإنسان لا تطيب نفسه بأن يفتدي نفسه بأولاده في المناسبات الخطرة لشدة تعلقه بهم وعطفه عليهم ، بخلاف المال الذي تطيب به نفسه لدى أقل بادرة خطر. فالمقام يقتضي أن تقدم الأموال على الأولاد بحسب البديهة ، بل بحسب فصاحة القرآن الكريم وبلاغته. (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) أي الكافرون ، هم حطب النار وطعمتها.
١١ ـ (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) .. الدأب بسكون الهمزة مصدر : دأب ، بمعنى كدح ، أي سعى وثابر وداوم على العمل والكسب في أمور الدنيا أو الآخرة. وهنا نقل الى معنى الشأن ، أي : كحال آل فرعون. ومحل الكاف هو الرفع بناء على الخبرية ، أي : دأب هؤلاء كدأب آل فرعون في الكفر. والمراد بآل فرعون قومه وعشيرته. فحال هؤلاء الكفرة ، كحال أولئك في الجهالة والضلالة (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) عطف على آل فرعون. وهؤلاء جميعا (كَذَّبُوا بِآياتِنا) والعبارة تفسير لدأبهم الذي هو التكذيب بآيات الله تعالى (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) أي أهلكهم بها وبسببها (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) جزاؤه قوي لا يحتمل ، وقد أورد ذلك ترهيبا ووعيدا وتهويلا ....
١٢ ـ (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ... قل يا محمد للذين كفروا من مشركي قريش وغيرهم : (سَتُغْلَبُونَ) ببدر (وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) أي تجمعون وتساقون إليها (وَبِئْسَ الْمِهادُ) أي أن جهنم مهاد سوء. والمهاد ما يمهد للإنسان من أجل الاستراحة عليه ، وقد غلب استعماله للرّضعاء. وقد عبّر سبحانه عن جهنم بالمهاد تهكما واستهزاء بالكفار وبمن اختاروا الغواية والضلالة اللتين صارتا سببا لسوء عاقبتهم.