قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٢ ]

    الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٢ ]

    119/544
    *

    وجوههم : أكفرتم؟ والهمزة استفهام للتوبيخ أو للتعجب من حالهم وعودتهم الى جاهليتهم وكفرهم المضل. وهؤلاء هم المرتدون بعد رسول الله (ص) من أمته إلا القليل من الذين ثبتوا على عهده المعهود كما في الرواية المشهورة أنه ارتد الناس بعد رسول الله (ص) إلا ثلاثة ، وقيل أربعة ، وقيل سبعة. ولعل المراد من العدد المذكور المستثنى وهم الأكمل إيمانا ، إذ مما لا شك فيه أن الذين بقوا على الايمان أكثر من ذلك يوم وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعدها. وقيل أن السؤال التوبيخي يكون لأهل البدع وقيل غير ذلك مما يرجع الى من يرتد حقيقة وحكما فيقال لهم بعد هذا الاستهجان : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وهذا الأمر إهانة وتقريع لهم وتحقير. والباء في : بما ، سببية : وما ، في هذا المقام مصدرية. أي ذوقوا العذاب بسبب كفركم.

    ١٠٧ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ ..) أي المؤمنون الثابتون على الايمان والتصديق (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) أي في لطفه وعفوه الدائم وغفرانه (هُمْ فِيها خالِدُونَ) منعمون نعيما مقيما الى أبد الأبد. والمقام كان يقتضي أن يقال : ففي ثواب الله هم فيه خالدون ، ولكنه سمي هنا بالرحمة باعتبار سببه الذي هو التكليف. وتوضيحه أن باب الثواب باب استحقاق بحيث إذا منع عن أهله كان قبيحا. وباب الرحمة باب التفضل والإحسان بلا علة ، ومنعه ليس فيه حزازة ولا قبح. أما الذين ابيضت وجوههم فهم أهل استحقاق ، وكان الأنسب أن يقال : ففي ثواب الله هم خالدون. لكن باعتبار أن منشأ الثواب التكليف كما قلنا ، وهذا أمر تفضلي : فقد عبر عنه بالرحمة.

    وأما عكس الترتيب بأن قدّم قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) ، فليكون مطلع الكلام ومقطعه سواء. وهذا يعدّ من فصاحة البيان. وقوله : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) : جملة مستأنفة لإفادة التأكيد. وهي جواب عن سؤال مقدر كأن قائلا يقول : كيف هم في رحمة الله؟ .. فأجيب بأنهم مخلّدون فيها .. وفي القمي عن أبي ذر قال : لما نزلت هذه الآية : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ