يطاق. وهذا إخبار بالغيب منه تعالى ، وإعجاز عن النبيّ (ص) ، لأنه أمر يعجز عن الإتيان بمثله الإنسان الأمّي إلّا بوحي أو إلهام منه تعالى. وهذا الطريق منحصر بالأنبياء والرّسل عليهمالسلام.
٧ ـ (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) ... الختم أخو الكتم ، إذ في مقام الاستيثاق بالشيء يضرب الخاتم عليه ، فهو كتم له. وعن الرضا عليهالسلام : هو الطّبع على قلوب الكفّار عقوبة على كفرهم ، كما قال تعالى : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ). ولا يتوهّم شبهة أن الطبع ينفي قدرتهم. فتكليفهم ـ مع عدم القدرة ـ تكليف بالمحال ، لأن الله سبحانه ـ لمّا علم تصميم الكفرة وإلزامهم أنفسهم بأن لا يؤمنوا ولو أبقاهم الله أبد الدهر جحدا وعنادا ـ ختم وطبع على قلوبهم ، على كفرهم وعنادهم الأبدي ، وهم ـ مع ذلك ـ مكلفون بالأصول والفروع ، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار. ولعزمهم على كفرهم أبد الآبدين وجزمهم على ذلك. فهم مخلّدون في النار دهر الداهرين مع عصيانهم مدة قليلة. وهذا التخليد في العذاب على قصدهم لا على مجرّد عصيانهم.
فالإشكال على مسألة التخليد من بعض الجهلة مرتفع أيضا. (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) أي غطاء ، من غشّاه أي غطّاه. وذلك أنهم لما أعرضوا عن النظر فيما كلّفوه وقصرّوا فيما أريد منهم ، جهلوا ما لزمهم الإيمان به ، فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر أمامه ، فهم لا يبصرون الحق والحقيقة (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) والعذاب كالنّكال زنة ومعنى ، ثم سمّي به كلّ ألم فادح وإن لم يكن نكالا أي عقابا. و (العظيم) نقيض الحقير ، كالكبير نقيض الصغير. والعظيم فوق الكبير ، والحقير دون الصغير ، والتنكير إشارة إلى قسم من العذاب لا يعلم كنهه إلّا الله عزّ اسمه.
* * *