(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥))
٢٤٣ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) ... الخطاب تقدير لمن سمع بقصة القوم الذين خرجوا من ديارهم (وَهُمْ أُلُوفٌ) أي آلاف كثيرة (حَذَرَ الْمَوْتِ) خوفا منه وفرارا ، غافلين عن أنه لا يمكن الفرار من أمر الله وقضائه ، وهم كما في الكافي عن الباقر والصادق عليهماالسلام : أهل مدينة من مدائن الشام. وفي بعض التفاسير أنهم أهل ـ داودان ـ قرية قريبة من واسط في العراق ، كانوا إذا وقع الطاعون وأحسوا به خرج أغنياؤهم لقوّتهم على ذلك ، وبقي الفقراء لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ، ويقلّ في الذين خرجوا ، فيقول الذين خرجوا : لو كنّا أقمنا لكثر فينا الموت ، ويقول الذين أقاموا : لو كنّا خرجنا لقلّ فينا الموت. فاجتمع رأيهم أنه إذا وقع الطاعون وأحسوا به خرجوا كلّهم من المدينة. فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا خوفا من الموت وتنحّوا عن منطقة سكنهم فمرّوا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها. فلما حطوا رحالهم واطمأنّوا قال لهم الله عزوجل موتوا جميعا ، فماتوا من ساعتهم ، ثم فنيت أجسادهم وصاروا رميما تذروه الرياح على طريق المارّة.