الكريمة تعقيبا لما سبق ، من أجل بيان ما لغير الأزواج بالنسبة للمطلّقات إذا رغب هذا الغير في الزواج من مطلّقة ما.
فالخطاب هنا للأجانب من الرجال الذين يريدون خطبة النساء المطلّقات غير الرجعيات أو المتوفى عنهن أزواجهنّ بعد انقضاء العدّة ، يقول لهم فيه جلّ وعلا : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ). والتعريض لغة خلاف التصريح وضد الكناية ، وهو في الاصطلاح الكلام الذي له معنى مطابقيّ ومعنى تضمّني ، وأنت تريد معناه التضمنيّ كأن تريد أن تتزوج امرأة ، ومن أجل اختبارها ومعرفة رضاها تقول لها مثلا : أنا أحب مجالستك ومصاحبتك أو تقول لها : إن جمالك يفوقه حسن أخلاقك وأدبك .. فإن لهذا الكلام دلالتين : مطابقيّة في معناه الظاهريّ الذي لا يريده المتكلّم بل يريد معناه ، وتضمّنية وهو الذي قصده من كلامه وهو أنه يريد أن يتزوّجها وينكحها. وهذا الذي أريد به التعرض.
وأما كون التعريض غير الكناية فذلك أن الكناية هي الدلالة على الشيء بذكر لوازمه نحو : كثير الرماد ، للمضياف. فدلالة الكناية على المقصود بالالتزام. والحاصل أنه : لا بأس عليكم أيها الخطّاب من الرجال إذا عرّضتم تعريضا قبل خطبة النساء استعلاما لرضاهنّ ، فإذا علمتم الرضى منهنّ فاستنكحوهنّ من أهلهن. فلا مانع إذا فعلتم ذلك (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) أي أضمرتم وأخفيتم ولم تعرّضوا ولم تصرّحوا ، ولكن خطرت الرغبة في نكاحهنّ في أنفسكم بعد انقضاء عدّتهن ، وعزمتم على ذلك ، فلا بأس ولو كان العزم والخطور أثناء عدّتهن حين وفاة أزواجهنّ كما يدل نظم الآيات الكريمات ولقوله سبحانه : (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ ،) وعليه الاتفاق حتى ولو كانت الآية صالحة للعموم لبعض المعتدّات ، والتفصيل موكول الى الفقه. (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَ) بألسنتهم وبكلامكم حين إبداء الرغبة في نكاحهنّ ، مخافة أن يسبقكم غيركم إليهن. وذلك لا يدل على التوبيخ ، لجواز أن تقصدوا في ذكرهن وجها صحيحا راجحا ، كتطييب قلوب المؤمنات المنقطعات ذوات الأيتام ، إذ