قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ١ ]

    الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ١ ]

    258/371
    *

    عند الله من القتل والقتال ، وخصوصا حين يقع القتل على من هو مثل ابن الحضرميّ الذي لم يكن نفسا محترمة لأنه لم يؤمن بالنبيّ (ص) واصرّ على الكفر والعناد (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) أي أن إيقاع الاختلاف بين الناس ، وإضلالهم عن طريق الحق ومنعهم عن الدخول في الإسلام أكبر عند الله من قتل الحضرميّ الذي اشتبهوا أنه حصل في الشهر الحرام. فإن أفعال المشركين ، بل كلّ فعل منها ، هو أفظع وأشنع من بمراتب كثيرة من قتل واحد من المشركين الذين يحاربونكم بشتّى الوسائل (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ) .. وبهذا أخبر الله سبحانه نبيّه (ص) بدوام عداوة كفار مكة التي تستمرّ وترمي الى إرجاعكم عن دينكم وصرفكم عن الإسلام لتعودوا الى الجاهلية والكفر (إِنِ اسْتَطاعُوا) .. ويستشم من هذا التعليق بأنهم لا يوفّقون إلى ذلك ، أي أن الأمر لا يحصل وفق مرادهم. وهذا من قبيل : أن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات .. فالتعليق كان على أمر محال عادة وهم لا يقدرون عليه (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) أي أن من انصرف عن دين الحق وصراطه السويّ وأعرض عنه ومات على الرّدة (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي فسدت وهذا صريح في ثبوت الإحباط والخسران بالرّدة حين يموت المرتدّ عليها إذ الموافاة بالإيمان شرط في استحقاق الثواب كما عليه الأصحاب. فالمرتدّون تحبط أعمالهم (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) لأن كثيرا من الفوائد الدنيويّة تترتّب على الإسلام عدّتها كتب الفقه وفصّلتها فهي تحبط بالرّدة ، مضافا الى خسران الأجر الجزيل والثواب الجميل الذي يخسرهما في الآخرة (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ووجه الخلود بالنّار قد تكلّمنا عنه سابقا بالنسبة لسائر الكفّار ، والمرتدّ إذا مات على الرّدة يكون كافرا ويلحق بهم في الخلود بالعذاب.

    وبعد ذكر حال الكفّار وحال من يرتدّ عن الدين ويموت بلا توبة ، أخذ سبحانه في شرح حال المؤمنين ، واختص بعضهم بالذّكر لعلوّ شأنهم