به ، ولم يصبكم مثل الذي أصاب من خلوا مضوا من النبيّين والمؤمنين وأممهم الّذين كانوا قبلكم؟. فلا بدّ لكم من الصبر على الشدائد .. وقد ذكر سبحانه ما أصاب من قبلهم فقال : (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) والبأساء ضدّ النّعماء ، والضرّاء ضد السّراء. وقيل : الأول هو القتل ، والثاني هو الفقر. وفي المقام أقوال أخر لا تنافي بينها على الظاهر ، وكلّ إلى ذلك الجمال تشير ، أي إلى المعنيين الأوّلين .. (وَزُلْزِلُوا) أي اضطربوا وأقلقوا من شدّة ما أصيبوا به من أنواع البلايا وأشكال المصائب التي يشق على البشر الاصطبار عليها. وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام أنه كان يقرأ : وزلزلوا ثم زلزلوا ، أي أصابتهم الزلازل متعاقبة بحيث سلبت عنهم الراحة في اليوم والليلة .. (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) عند تطويل مدة المصائب والحوادث وعدم تناهي الشدّة ، وذهاب الطاقة على الاصطبار ، يقولون : (مَتى نَصْرُ اللهِ) معناه : طلب النّصر وتمنّيه (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) لفظة : ألا ، للاستفتاح ، وتدل على تحقّق ما بعدها كما في قوله : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ). والجملة فيما نحن فيه على إرادة القول ، أي قيل لهم ذلك إجابة لطلبهم : عاجل النّصر ممّن النّصر بيده. ويستفاد من الآية أن الوصول إلى مقام القرب والفوز بالدرجات السامية ، لا يتيسّر إلّا برفض المشتهيات ومخالفة النفس ومقاساة الآلام في سبيل الطاعة ، والصّبر لشدائد الدهر ، وممارسة الرياضات الشاقّة. وقد قال عليهالسلام : حفّت الجنّة بالمكاره. وفي الخرائج عن السّجاد عليهالسلام قال : فما تمدّون أعينكم؟. ألستم آمنين؟. لقد كان من قبلكم ممّن هو على ما أنتم عليه يؤخذ فتقطع يده ورجله ويصلب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة ...
٢١٥ ـ (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) ... أي أيّ شيء ينفق في سبيله تعالى؟ .. وكان عمرو بن جموح شيخا ذا مال ، وصاحب ثروة ، قال للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : بم أتصدّق ، وعلى من أتصدّق؟. فنزلت الآية. (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) أي ما تصدقتم به وبذلتموه من