اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤) يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))
٢١١ ـ (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ) ... هذا الأمر ليس موجها للنبيّصلىاللهعليهوآله. بل هو عامّ لكلّ أحد. والسؤال تقريع لهم ، وفي مقام إفحام الخصم ، فإنه مع الحجة والبرهان. ولفظة : كم ، تكون تارة للاستفهام عن العدد كقولهم : كم درهما معك؟ .. وتارة تكون خبريّة تشير الى كثرة العدد لا إليه نفسه وهي الاستكثارية نحو : كم عبد ملكت ، وكم عبيد حرّرت ، أي كثيرا. وهنا تصلح لكلا المعنيين ، فيمكن أن تكون استفهاميّة عن عدد الآيات ، كما يمكن أن تكون استكثارية خبرية. وإذا كانت استفهامية فهي تقريريّة ، والإفحام يحصل على كل حال. ومحلّها النّصب بناء على المفعولية. فاسألهم كم آتيناهم (مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) أي من البراهين والحجج الظاهرة التي أبديناها على أيدي رسلنا وأنزلناها في الكتب السماويّة كالتوراة والإنجيل دالّة على صدق محمد صلىاللهعليهوآله. فما أثّر شيء منها فيهم ولا استفادوا من تعاليمها ، وإن كان بعضهم قد آمن ولكنّ أكثرهم قد جحد وبدّل وأخذ عوضا عمّا بدّله وحرفه من نعت محمد ومن صرف الآيات عن وجهها ، أو تغيير مواضعها ، أو إسقاط بعض آياتها من التوراة (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) أي آياته التي هي أجلّ نعمه تعالى لأنها أسباب الهدى والفوز بالجنّة والنّجاة من النار. فمن غيّرها (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) أي بعد إنزالها عليه ومعرفتها ، وجحدها وإنكارها حفظا لرئاسته (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وخصوصا بعد تمام الحجة عليهم ، فالله يوردهم أشد العذاب لكون جريمتهم أعظم جريمة.
٢١٢ ـ (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا) ... أي جملت وحسنت الحياة