السلطان فقد ترك طاعة الله ودخل في نهيه ، إن الله يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
والتهلكة : مصدر من هلك. وقيل : ما جاء في المصادر على وزن : تفعلة فهو بضمّ العين إلّا هذا. ويجوز في لامه الحركات الثلاث. ولا يكون إلّا في : ميتة سوء .. والآية تدلّنا على تحريم الإقدام على ما يخاف منه على النفس ، وعلى جواز ترك الأمر بالمعروف عند الخوف والخطر ، بل ظاهرها الحرمة ، لأنّ فيه الإلقاء إلى التهلكة المنهيّة. وتدل أيضا على جواز الصّلح مع الكفار والعتاة المردة إذا كان يخاف الإمام على نفسه أو على المسلمين وبيضة الإسلام بناء على ما فعله النبيّ (ص) عام الحديبية ، وما فعله أمير المؤمنين (ع) بوقعة صفين مع طاغية زمانه لما رأى تشتّت أمر جيشه وخاف على نفسه وشيعته.
أما الحسين عليهالسلام ، حيث إنه قاتل وحده ، فقد قال شيخ الأعلام والأعاظم ، شيخنا الطوسيّ إنّ أمره يحتمل وجهين : أحدهما أنه عليهالسلام ظنّ أنهم لا يقتلونه لمكانه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والآخر انه غلب على ظنّه أنه لو ترك قتالهم قتله الملعون ابن زياد صبرا كما فعل بابن عمّه مسلم. فكان القتل مع عزّ النفس وجهاد الظالمين أهون عليه ... لكن مقالتنا في نهضته ـ أرواحنا فداه ـ أن قضيته أمر سماويّ ، وعقيدتنا أنه إمام مفترض الطاعة ، عالم بما كان وما يكون وما هو كائن بمشيئة الله سبحانه وتعالى وتعلّمه (ع) منه عزوجل ، فهو أعلم بما فعل ، والكلام حول نهضته خارج عن وظيفتنا هنا ، ولا سيما مع شتات الروايات ومختلف الأقوال ، فتفويض الأمر وعلمه إليهم ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أحسن (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) هذه الشريفة يحتمل أن تكون محدّدة للإنفاق المأمور به. وبيان ذلك أن الإنفاق يكون على قسمين : فتارة يبسط الإنسان يده في الإعطاء بحيث لا يبقى عنده شيء من المال لإعاشته وإعاشة عيالاته ، وهذا مذموم شرعا لأن الله سبحانه نهى نبيّه صلىاللهعليهوآله عنه بقوله : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) ، أي لا