(كذلك) أي مثل هذا العمل (جَزاءُ الْكافِرِينَ) عقابهم أن يفعل بهم كما فعلوا بكم.
١٩٢ ـ (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : أي : فإن تركوا الشّرك والقتال وتابوا ، فالله تعالى يغفر لهم ويرحمهم. والرحمة هي العطف الذي يقتضي الغفران والإحسان منه سبحانه على العباد.
١٩٣ ـ (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ... أي شرك وفساد كما في المجمع ، فعن الباقر عليهالسلام أنه فسّرها بالشّرك. ولعلّ ذلك بلحاظ أنّ بإفنائهم ينتفي الشّرك والفساد بالملازمة (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) أي الإسلام خالصا عن الشّرك والجحد له تعالى لانتفاء موضوعهما حينما يقتل المشركون والجاحدون ، نعم (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الشّرك والفساد والإفساد وأذعنوا للإسلام (فَلا عُدْوانَ) لا عقوبة قتل ، وهم في أمن وأمان بحكم شرع الإسلام (إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) المستمرّين على الكفر والنّفاق. وقد سمّى القتل عدوانا لأنه عقوبة على العدوان وهو الظّلم من باب ازدواج الكلام. والمماثلة في قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ) إلخ ... وتقدير ما نحن فيه هو : فإن انتهوا عن العدوان فلا عدوان أي فلا عقوبة عليهم ، وإما العقوبة على الكافرين فقط.
١٩٤ ـ (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) ... أي لمّا كان صدّ المشركين إياكم ، وأذاهم لكم ، في الشهر الحرام ـ ذي القعدة في عام الحديبية ـ فإذا ذهبتم في العام القابل لزيارة البيت وصادف رواحكم في الشّهر المذكور ، ثم لم يفوا بعهدهم وقولهم في السنة الماضية بأن يخلوا البيت لكم ثلاثة أيام ولياليها ، وبنوا على صدّكم ومنعكم ومقاتلتكم ، فاقتلوهم ولو كان الشهر حراما فيه القتال ، لأن هذا الشهر بذاك الشهر السالف. فاللّام في قوله : بالشهر ، للعهد الذهنيّ. والأشهر الحرم أربعة : ثلاثة منها سرد وهي : ذو القعدة وذو الحجة ، ومحرّم. وواحد فرد ، وهو : رجب. وقد كانوا يحرّمون فيها القتال في الجاهلية حتى لو ان رجلا لقي قاتل أبيه لا يتعرّض