١٢٤ ـ (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) ... فسّر بعض الأكابر ابتلاءه بذبح ولده والإتمام بتسليمه وعزمه على الذبح ، فلمّا عزم وهيأ نفسه لما أمره الله ، قال تبارك وتعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) أي قدوة وسيدا يأتمّ بك الناس ويتابعونك في راسخ إيمانك (قالَ) إبراهيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أي ومن تجعل من ذرّيتي أئمة؟. (قالَ) سبحانه وتعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فإن ميثاقي هذا لا أضعه في عهدة ظالم لنفسه ولغيره لأنه أسمى وأرفع من أن يحمله الظالمون .. أقول : وهذا التعليل لا يكاد ينطبق على المقام لصعوبة الرّبط بين هذا المعنى وبين الكلمات ، فإن لفظة (بِكَلِماتٍ) تعلّقت بابتلى كما هو ظاهر. وفي الخصال عن الصادق عليهالسلام قال : هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربه فتاب عليه ، وهو أنه قال : يا رب أسألك بحق محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم إلّا تبت عليّ ، فتاب عليه ، إنه هو التوّاب الرّحيم. فقيل له : يا ابن رسول الله (ص) ، فما يعني بقوله عزوجل : فأتمّهن؟. قال : يعني أتمّهن إلى القائم. اثنا عشر إماما : تسعة من ولد الحسين عليهالسلام. وأقوال المفسّرين بشأن «الكلمات» في غاية الاختلاف ونهاية التشويش ، ومن شاء فليراجع ، فإننا ذكرنا الثابت عندنا ، والله أعلم ..
والعامل في : إذ ، مضمر ، نحو : أذكر يا محمد إذ ابتلى إبراهيم : أي اختبره ربّه بكلمات : أي بأوامر ونواه. واختبار الله عبده هو تمكينه من اختيار أحد الأمرين : ما يريده الله ، أو ما يشتهيه العبد ، كأنّه يمتحنه ليرى أيّهما يختار العبد ، حتى يجازيه على حسب ذلك. وقوله (فَأَتَمَّهُنَ) أي أكملهنّ. فإن رجع الضمير في الفعل إلى إبراهيم (ع) فلعل المراد بالإتمام هو قيامه بهنّ حقّ القيام والإتيان بهنّ حقّ الإتيان من غير تفريط وتقصير. أما إذا رجع الضمير إلى الله تعالى فيحتمل أن يكون المراد بإتمامهنّ هو بيانهنّ وتفسيرهنّ. (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) بعد أن ابتلاه ربّه بكلماته أي بتكليفه ببعض الأوامر