حقا بالدلائل والبراهين الواضحة ، لئن فعلت ذلك والعياذ بالله (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي لا يكون لك وليّ أمر يحفظك ويحرسك ، ولا معين يساعدك في دفع العقاب عنك إذا شاءه الله والعياذ به. وهذا من باب إياك أعني واسمعي يا جارة.
١٢١ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ... أي المؤمنون من أهل الكتاب (يَتْلُونَهُ) يقرءونه ويرتّلونه (حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي الوقوف عند ذكر الجنة والنار ليسألوا الفوز بالأولى ، وليستعيذوا بالله من الأخرى. أو أنّ المراد بحق تلاوته ، أنهم لا يحرّفونه ولا يغيّرون ما فيه من نعت رسول الله (ص) والدلائل عل نبوّته (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) بالكتاب أو بما فيه من النعت والدلائل (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم اشتروا الضلالة بالهدى والدنيا بالآخرة ، وأية خسارة أعظم من هذه؟.
١٢٢ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) ... قد تقدّم تفسيرها في الآية رقم ٤٧ ولكنه لمّا بعد ما بين الكلامين فإلفات النظر مفيد في حسن التبليغ والتّنبيه والاحتجاج ، وفيه تأكيد للتذكير. مضافا إلى أنّ الله تعالى كان سابقا في مقام الوعظ والنّصح وتأديب عامة عباده بآدابه المسنونة المشروعة ، كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكنه تعالى ـ هنا ـ يتوعّد ويهدّد ويوبّخ بني إسرائيل على أقوالهم الواهية وبدعهم الفاسدة ـ كمقالتهم أنه سبحانه اتّخذ ولدا ، وكاختصاصهم بالجنة ، وكترقّبهم دخول النبيّ الأكرم في ملتهم ونحو ذلك مما ذكره عزوجل ـ فبهذه الاعتبارات واختلاف المقامات كرّر بعض الآيات الكريمات تكرارا غير مستهجن يذمّ فاعله كما يجري في محاوراتنا ، فقد اقتضى التكرار مورد التهديد والوعيد والتوبيخ كما قلنا.
__________________
ـ ينبغي أن يتّبع في عصره (ص) .. أقول : هذه الجملة من الجمل التي تقال في مقام تهييج إحساسات الناس ، وإلّا فلا يتوّهم أحد بأنه (ص) يتّبع دين اليهود أو النصارى مع علمه بأن دينهم البدع والأهواء.