مقاولتهم في كتابه الكريم حتى يعرف العالم بإقرار كل واحد من هذين الصّنفين على الآخر بأنه لا دين له ولا مذهب ولا شرع. فإذا نفى المسلمون الدين والشريعة عن الصنفين فلا يكون ذلك أمرا مبتدعا يتعجّبون منه وينكرونه (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) أي يقرءون هذا الكتاب أو الكتب السماوية مطلقا. والجملة حاليّة ، واللام ـ في الكتاب ـ للجنس ، أي قالوا ذلك والحال أنهم من أهل العلم والقراءة للكتب السماوية بحسب ظنّهم وزعمهم (كَذلِكَ) أي مثل ذلك الذي سمعت من تقاول الفريقين ، وعلى منهاج قول أهل الكتاب والتلاوة ، قال الجهلة الذين لا علم عندهم ولا كتاب : كعبدة الأصنام والدّهريّين ، قالوا لأهل كل دين : ليسوا على شيء!. ولا يخفى أن في هذه الآية الشريفة تلويحا بتوبيخ أهل الكتاب خاصة ، لأنهم نظموا أنفسهم في سلك الجهلة وفي سلك من لا يعلم قراءة وليس له كتاب (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي : يحكم بين الهود والنصارى ـ يوم الفصل والقضاء ـ ويريهم الحق والحقيقة ، ويبيّن لهم من يدخل الجنة ومن يدخل النار.
* * *
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ
__________________
ـ الإنجيل نقرأه؟. فقال رسول الله (ص) : إنكم خالفتم أيها اليهود والنصارى كتاب الله ولم تعملوا به ، فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفّر بعضكم بعضا بغير حجة ، لأن كتب الله أنزلها الله شفاء من العمى وبيانا من الضلالة ، يهدي العالمين بها إلى صراط مستقيم. وكتاب الله إذا لم تعملوا به كان وبالا عليكم. وحجة الله إذا لم تنقادوا لها لكنتم والله عاصين ولسخطه متعرّضين.