لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (١) وقوله تبارك وتعالى : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٢) وقولهعزوجل : (وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) (٣) ونحو ذلك من الآيات.
وقد أوضح الإمام أحمد بجلاء تام المعية المقصودة فى هذه الآيات وأبان أنه لا يمكن أن يفهم منها بحال أنه معهم أى بذاته بل إنه معهم فى الدفع عنهما ، كما فى الآية الأولى ومعهم فى النصرة على عدوهم وتأييدهم كما فى الآية الثانية والثالثة ومعهم بعلمه كما فى الآية الرابعة.
ولمزيد من الإيضاح أقول : إن المعية نوعان ـ كما حقق ذلك العلماء ـ : معية عامة : وهى كما فى قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ونحو هذه من الآيات. والمقصود بهذه المعية : العلم والتدبير والقدرة.
أما المعية الخاصة : فهى كما فى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) وفى قوله جل وعلا : (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) ونحو هذا من الآيات. فهذه المعية المقصود بها النصرة والتأييد والعون (٤). وهو ما دل عليه كلام أحمد السابق.
يقول ابن تيمية : وقد بسط الإمام أحمد الكلام على المعية فى الرد على الجهمية (٥). اه.
ويقول أيضا ـ أى ابن تيمية ـ فى معرض رده على هؤلاء : وذلك أن كلمة (مع) فى اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها فى اللغة إلا المقارنة المطلقة من
__________________
(١) سورة التوبة / ٤٠.
(٢) البقرة / ٢٤٩ ، وسورة الأنفال / ٩٦.
(٣) سورة النساء / ١٠٨.
(٤) انظر : مجموع الفتاوى ٥ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧.
(٥) المصدر السابق.