مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ) (١) أتراها (سبحت) بفم وجوف ولسان وشفتين والجوارح إذا شهدت على الكفار فقالوا : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٢) أتراها أنها نطقت بجوف وفم وشفتين ولسان ولكن الله أنطقها كيف شاء فكذلك تكلم الله كيف شاء من غير أن نقول فم ولا لسان ولا شفتان ولا جوف (٣). اه.
يقول ابن تيمية : والصواب الّذي عليه سلف الأمة ـ كالإمام أحمد والبخارى وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم اتباع النصوص الثابتة وإجماع سلف الأمة وهو أن القرآن كلام الله ... وأن الله تعالى يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح وليس ذلك كأصوات العباد ... وأن الله ليس كمثله شيء لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته ، فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق ولا معانيه تشبه معانيه ولا حروفه تشبه حروفه ولا صوت الرب يشبه صوت العبد فمن شبه الله بخلقه فقد ألحد فى أسمائه وآياته ومن جحد ما وصف به نفسه فقد ألحد فى أسمائه وآياته (٤). اه.
وعبد الله بن كلاب هو أول من عرف عنه القول بأن الكلام معنى قائم بالنفس وأن الله عزوجل لا يتكلم بحرف وصوت. لذا نجد الإمام أحمد يحذر من ابن كلاب وأتباعه.
قال ابن خزيمة : كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد وعلى أصحابه مثل الحارث (٥) وغيره (٦). اه.
__________________
(١) سورة الأنبياء / ٨٩.
(٢) سورة فصلت / ٢١.
(٣) الرد على الزنادقة والجهمية (ق : ٢١ / أ) وقد ذكرت فى صفة الكلام فى معرض رد الإمام أحمد على الجهمية ص : ٣٠٥ وناسب تكراره هنا.
(٤) مجموع الفتاوى ١٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٤.
(٥) ابن أسد المحاسبى ، الزاهد ، قال الذهبى : المحاسبى كبير القدر وقد دخل فى شيء يسير من الكلام فنقم عليه وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه وحذر منه. توفى سنة ٢٤٣ ه. سير أعلام النبلاء ١٢ / ١١٠ وانظر مصادر ترجمته فى نفس المصدر.
(٦) مجموع الفتاوى ٦ / ١٧١ ـ ١٧٢.