قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه (من بعد كما يسمعه) من قرب أنا الملك أنا الديان».
وعلقه البخارى (١) وقال ابن حجر : أخرجه فى الأدب المفرد وكذا أخرجه أبو يعلى والطبرانى (٢).
وقد أنكر الكلابية والأشاعرة أن الله عزوجل يتكلم بحرف وصوت وذلك بناء على قولهم أن كلام الله معنى قائم بالذات.
وما أثاره هؤلاء من شبهات تصدى لها الإمام أحمد وأبان عورها ومن تلك الشبه التى تمسكوا بها : أن الكلام المسموع لا يكون إلا بمخارج وأن الله عزوجل ليس بذى مخارج. ويعتقدون أن من أثبت الحرف والصوت لزمه التشبيه وأجابوا عن الأحاديث السابقة بتأويلات بعيدة عن الحق والصواب (٣). وكذا فعلوا عند قول الله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٤) فمن المعلوم أن موسى عليهالسلام سمع كلام الله وهذا واضح من جميع الآيات فى هذا الشأن.
لكن هؤلاء جاءوا بمعنى جديد وقالوا : إن الله عزوجل أزال المانع عن موسى عليه الصلاة والسلام وجعل له من القوة ما أدرك به كلامه القديم (٥).
أما ما ذكروه من أن إثبات الحرف والصوت يقتضي التشبيه ـ وهو عمدتهم ـ فقد رد الإمام أحمد عليهم إذ يقول :
وأما قولهم : إن الكلام لا يكون إلا من جوف وفم وشفتين ولسان أليس قال الله تعالى للسماوات والأرض : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٦) أترى أنها قالت بجوف وفم وشفتين ولسان وأدوات ، وقال الله تعالى : (وَسَخَّرْنا
__________________
(١) فى الصحيح ١٣ / ٤٥٣.
(٢) فتح البارى ١٣ / ٤٥٧.
(٣) انظر : الأسماء والصفات للبيهقى ص : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، وفتح البارى ١٣ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.
(٤) سورة النساء : ١٦٤.
(٥) انظر : شرح عقيدة أهل التوحيد الكبرى للسنوسى ص : ٢٧٥.
(٦) سورة فصلت / ١١.