له إلا الألف. فقال الإمام أحمد : هذا كفر. وروى إنكار ذلك عن غيره من الأئمة. والأولون لا ينازعون فى هذا. فإنهم ينكرون على من يقول : إن الحروف مخلوقة فإنه إذا قال ذلك دخل فيه حروف كلام الله تعالى من القرآن وغيره وهم يخصون الكلام فى الحروف الموجودة فى كلام المخلوق ، دون الحروف الموجودة فى كلام الله ، ويقولون : حقيقة الحروف والاسم وإن كانت واحدة فذلك بمنزلة كلمات موجودة فى القرآن ، وقد تكلم بها بعض المخلوقين ، فالمتكلم تارة يقصد أن يتكلم بكلام غيره ، وإن وافقه فى لفظه بالنسبة إلينا ، وهذه لا يتأتى إلا فى الشيء اليسير ، وهو ما دون السورة القصيرة قال الأولون : فموافقة لفظ الكلام للفظ الكلام لا يوجب أن يكون لأحدهما حكم الآخر فى النسبة إلى المتكلم المخلوق بحيث ينسب أحدهما إلى من ينسب إليه الآخر ، فكيف بالنسبة إلى الخالق؟ بل لما كتب مسيلمة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله رد عليه النبي صلىاللهعليهوسلم «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب» كان اللفظ برسول الله من المتكلمين سواء : من أحدهما صدق ـ ومن أعظم الصدق ـ ومن الآخر كذب ومن أقبح الكذب.
وقد ذكر الله عن الكفار مقالات سوء فى كتابه مثل قولهم (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ، ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (١) ، وقولهم (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٢) و (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) (٣). وغير ذلك من الأقوال الباطلة ، وقد حكاها الله عنهم فإذا تكلمنا بما حكاه الله عنهم كنا متكلمين بكلام الله ولو حكيناه عنه ابتداء لكنا قد حكينا كلامهم الكذب المذموم ... وإذا كان كذلك فمن أدخل فى كلام له بعض لفظ أدخله غيره فى كلامه لم يوجب أن يكون هذا اللفظ من كلام ذلك المتكلم وإن كان أحد اللفظين شبيها بالآخر ، وهو بمنزلة من كتب حروفا تشبه حروف المصحف كتبها كلاما آخر لم يكن ذلك مما يوجب أن يكون من حروف المصحف ، وقال الآخرون : مجرد الموافقة فى اللفظ لا يوجب أن يجعل حكم أحد اللفظين حكم الآخر ،
__________________
(١) سورة الكهف / ٥.
(٢) سورة التوبة / ٣٠.
(٣) سورة التوبة / ٣٠.