ويقول أيضا : وقال أبو إسحاق بن شاقلا فيما وجدته معلقا بخطه مرات فى كتاب السنة جمع أبى بكر الخلال : أخبرنى محمد بن العباس (١) قال : سمعت أبا بكر بن صدقة (٢) يقول : من قال الإيمان مخلوق فهو جهمى ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع. قال أبو إسحاق قلت أنا : فلا جائز أن يقال أنه مخلوق .. الصلاة من الإيمان وفيها القرآن فيكون قائل ذلك كافرا ولا جائز أن يقال : أنه غير مخلوق لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : وأدناه إماطة الأذى عن الطريق (٣). ومن قال : إماطة الأذى عن الطريق غير مخلوق فقد زعم أن أفعال العباد غير مخلوقة وقائل ذلك كافر. فلا جائز أن يقال مخلوق ولا غير مخلوق ولأنه لم يقله أهل العلم قبلنا. فقد صرح بالقول بخلق الأفعال ونفى الخلق عن الأقوال إلا أنه توقف على إطلاق القول بالخلق فى الجملة والتفصيل (٤). اه.
وفى رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ أنكر أن يكون مخلوقا وقرأ : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ). لأن إطلاق القول بالخلق يقتضي أن يكون هذا مخلوقا وهذا كفر.
وفى رواية إبراهيم القصار فصّل الإمام أحمد المسألة حيث فرق بين ما يتعلق بكلام الله وصفاته وبين ما يتعلق بفعل العبد.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : وإذا قال الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل له : ما تريد بالإيمان أتريد به شيئا من صفات الله وكلامه ، كقوله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وإيمانه الّذي دل عليه اسم المؤمن فهو غير مخلوق ، أو تريد شيئا من أفعال العباد وصفاتهم فالعباد كلهم مخلقون وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة ، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة ولا يقول هذا من يتصور ما يقول ، فإذا حصل الاستفسار والتفصيل ظهر الهدى وبان السبيل ، وقد قيل
__________________
(١) لم أتمكن من تحديده.
(٢) هو : أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة ، الحافظ ، قال الدارقطنى : ثقة ثقة ، توفى سنة ثلاث وسبعين ومائتين. ت / بغداد ٥ / ٤٠.
(٣) تقدم تخريجه انظر ص : ٨٤.
(٤) الروايتان والوجهان (ق : ٢٥٣ / أ).