مُبِينٍ) (١) وقال : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ) (٢) فلما جعل الله القرآن عربيا ، ويسره بلسان نبيه : كان ذلك فعلا من أفعال الله ، جعل به القرآن عربيا ، وليس كما زعموا. معناه أنزلناه بلسان العرب وقيل : «بيناه» يعنى هذا بيان لمن أراد الله هداه (٣).
ثم إن الجهمى ادعى أمرا آخر وهو من المحال فقال : أخبرونا عن القرآن أهو الله تعالى ، أو غير الله ، فادعى فى القرآن أمرا يوهم الناس ، فإذا سأل الجاهل عن القرآن : أهو الله أو غير الله فلا بد من أن يقول بأحد القولين. فإن قال : القرآن هو الله قال له الجهمى : كفرت. وإن قال له : غير الله ، قال له : صدقت ، فلم لا يكون غير الله مخلوقا ، فيقع فى نفس الجاهل من ذلك ما يميل به إلى قول الجهمى ، وهذه المسألة من الجهمى هى من المغاليط والجواب للجهمى عن هذا السؤال أن يقال : إن الله (ق ١٤ / أ) لم يقل فى القرآن أن القرآن أنا ، ولا هو غيرى ، وقال : إن القرآن كلامى فسميناه باسم سماه الله به ، فقلنا : هو كلام الله تعالى ، فمن سمى القرآن بما سماه الله تعالى به كان من المهتدين ، ومن سماه باسم من عنده كان من الضالين ، وقد فصل الله بين قوله وبين خلقه ، ولم يسمه قولا فقال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (٤) ، فلما قال : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) فلم يبق شيء مخلوق إلا كان داخلا فى ذلك ، ثم ذكر
__________________
ـ والصواب أن هذه الآية فى سورة الزخرف / ٣ والّذي فى سورة يوسف (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) آية / ٢.
(١) سورة الشعراء / ١٩٥.
(٢) سورة مريم / ٩٧ ، سورة الدخان / ٥٨.
(٣) هذه الآية أى قوله تعالى (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) مما استند إليه الجهمية فى ادعائهم أن القرآن مخلوق وسيأتى مزيد من التفصيل حول حقيقة دعواهم ص : ٢٢٣ وما ذكره الإمام أحمد حول معنى الجعل بشقيه هو المفهوم الواضح من الآيات الكريمات. وهذا الّذي ذكره الإمام أحمد هو ما فهمه وقرره السلف عامة.
راجع الاختلاف فى اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة لابن قتيبة ص : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ والرد على الجهمية للدارمى ص : ٤٨٠ ضمن عقائد السلف ورده على المريسى ص : ١٢٣ وشرح العقيدة الطحاوية ص : ١٨٦.
(٤) سورة الأعراف : ٥٤ ، وبهذه الآية احتج عند مناظرتهم له فى المحنة ، محنة أحمد لحنبل بن إسحاق ص : ٥٣.