أن يديم توفيق أمير المؤمنين أعزه الله بتأييده فقد كان الناس فى خوض من الباطل واختلاف شديد ينغمسون فيه حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين أيده الله عزوجل فنفى الله تعالى بأمير المؤمنين ـ أعزه الله ـ كل بدعة وانجلى عن الناس كل ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس فصرف الله عزوجل ذلك كله وذهب به بأمير المؤمنين فأسأل الله أن يستجيب فى أمير المؤمنين صالح الدعاء وأن يتم ذلك لأمير المؤمنين أدام الله عزه وأن يزيد فى نيته ويعينه على ما هو عليه.
فقال أبى : وقد ذكر عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال : لا تضربوا كتاب الله عزوجل بعضه ببعض فإن ذلك يوقع الشك فى قلوبكم (١).
وقد ذكر عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن نفرا كانوا جلوسا بباب النبي صلىاللهعليهوسلم فقال بعضهم : ألم يقل الله عزوجل كذا. قال : فسمع ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فخرج كأنما فقئ فى وجهه حب الرمان فقال : «أبهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله عزوجل بعضه ببعض إنما ضلت الأمم قبلكم فى مثل هذا إنكم لستم مما هاهنا فى شيء انظروا الّذي أمرتم به فاعملوا به وانظروا الّذي نهيتم عنه فانتهوا عنه» (٢).
وروى عن أبى هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «مراء فى القرآن كفر» (٣). وروى عن أبى جهم ـ رجل من أصحاب رسول الله صلى الله
__________________
(١) أخرجه ابن أبى شيبة فى المصنف : ١٠ / ٥٢٨.
(٢) سبق تخريجه انظر ص : ١٦٨.
(٣) أخرجه أحمد : ٢ / ٢٨٦ ، ٣٠٠ ، ٤٢٤ ، ٤٧٥ وأبو داود : ٥ / ٩ وصححه الحاكم وأقره الذهبى. المستدرك : ٢ / ٢٢٣. قال الخطابى : اختلف الناس فى تأويله فقال بعضهم : معنى المراء هنا الشك فيه ، كقوله : (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) أى فى شك ويقال : بل المراد هو الجدال المشكك فيه. وتأوله بعضهم على المراء فى قراءته دون تأويله ومعانيه ، مثل أن يقول قائل : هذا قرآن قد أنزله الله تبارك وتعالى ويقول الآخر : لم ينزل الله هكذا فيكفر به من أنكره ، وقد أنزل سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شاف كاف ، فنهاهم صلىاللهعليهوسلم عن إنكار القراءة التى يسمع بعضهم بعضا يقرؤها ، وتوعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه والتكذيب به ، إذ كان القرآن منزلا على سبعة أحرف ، وكلها قرآن منزل يجوز قراءته ويجب علينا الإيمان به. وقال بعضهم : إنما جاء هذا فى الجدال فى القرآن فى الآى التى فيها ذكر القدر والوعيد ، وما كان فى معناهما على مذهب أهل الكلام ـ