بما فسر به الإسلام فى حديث جبريل حيث قال عليه الصلاة والسلام لهم : «أتدرون ما الإيمان بالله وحده»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس ...» الحديث (١).
والقول الأخير هو الراجح ، ومن عبارات السلف فى هذا المعنى قولهم «كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن». ولكن لا بد للمسلم من إيمان يصح به إسلامه حتى لا يكون منافقا.
والقول بالتلازم بين الإسلام والإيمان ارتضاه كثير من العلماء ورجحوه لما فيه من الجمع بين الأدلة (٢).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر جملة من كلام محمد بن نصر المروزى ـ وهو من القائلين بالترادف كما مر معنا : «مقصود محمد بن نصر المروزى ـ رحمهالله ـ : أن المسلم الممدوح هو المؤمن الممدوح ، وأن المذموم ناقص الإسلام والإيمان ، وأن كل مؤمن فهو مسلم ، وكل مسلم لا بد أن يكون معه إيمان ، وهذا صحيح ، وهو متفق عليه ، ومقصوده أيضا ، أن من أطلق عليه الإسلام أطلق عليه الإيمان ، وهذا فيه نزاع لفظى ، ومقصوده أن مسمى أحدهما هو مسمى الآخر ، وهذا لا يعرف عن أحد من السلف وإن قيل هما متلازمان. فالمتلازمان لا يجب أن يكون مسمى هذا هو مسمى هذا ، وهو لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام المشهورين أنه قال : مسمى الإسلام هو مسمى الإيمان كما نصر ... فإذا قيل إن الإسلام والإيمان التام متلازمان لم يلزم أن يكون أحدهما هو الآخر كالروح والبدن ، فلا يوجد عندنا روح إلا مع البدن ، ولا يوجد بدن حي إلا مع الروح وليس أحدهما الآخر ، فالإيمان كالروح ، فإنه قائم بالروح ومتصل بالبدن ، والإسلام كالبدن ولا يكون البدن حيا إلا مع الروح بمعنى أنهما متلازمان لا أن مسمى أحدهما هو مسمى الآخر (٣)». اه.
__________________
(١) رواه البخارى : ١ / ١٢٩ ومسلم : ١ / ٤٦ من حديث ابن عباس وهذا لفظ البخارى.
(٢) انظر : شرح السنة للبغوى : ١ / ١٠ ـ ١١ ، مسلم بشرح النووى : ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٣) مجموع الفتاوى : ٧ / ٣٦٥ ـ ٣٦٧.