وخصّ ذلك المنع شيعة آل محمّد عليهمالسلام بشدّة بالغة ، ومن قرأ صفحات التاريخ يرى ذلك عياناً كما في عمليّات إحراق كتب الشيعة لرفضهم سياسة الحكّام ، وما جنته تلك الأيادي من جرائم نكراء ـ طعنت قلب الصدق والحقيقة بحراب الخبث وأسنّة الحقد ـ ، لشاخص على صفحات التاريخ لكلّ ذي عينين يبصر بنور الحقيقة والوجدان.
ونتيجةً لتلك الظروف القاسية ـ التي كانت تترصّد كلّ ما يخرج عن أهل بيت النبوّة ـ ، احتبست الصحيفة السجّادية لفترة ما .. كما يستفاد ذلك من مقدّمة الصحيفة ، حيث أخرج يحيى بن زيد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام إلى المتوكّل الراوي للصحيفة بشكل مقفّل مختوم ..(١).
وذلك إمّا خوفاً من القتل ، أو من ضياع الأثر في خزائن أعداء آل محمّد .. قال يحيى ـ عند إعطائه الصحيفة إلى المتوكّل البلخي ، وأمره بإيصالها إلى المدينة إلى ابني عمّه محمّد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن قبل قتل يحيى وصلبه بقليل ـ :
«فَخِفْتُ أن يَقَع مِثلُ هذا العلمِ إِلَى بَنِي أُميّة فَيَكْتُمُوهُ وَيَدَّخِرُوهُ في خَزَائِنِهِمْ لأَنْفُسِهِم فاقْبِضْهَا وَاكْفِنِيهَا وَتَربَّصْ بِها».
وأيضاً قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ـ عند دفع الصحيفة إلى ابني عبدالله بن الحسن ـ :
«لا تَخْرُجا بِهذِهِ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ».
__________________
(لاحظ : تدوين السنة الشريفة للسيّد محمد رضا الحسيني الجلالي ، ومنع تدوين الحديث أسباب ونتائج للسيّد علي الشهرستاني ، وتاريخ الحديث بين سلطة النصّ ونصّ السلطة للسيّد محمّد علي الحلو ..).
(١) لاحظ مقدّمة الصحيفة المباركة السجّاديّة.