وأحيا الموتى وأنطق الذئب ومشى على الماء وهو ساكت ، ولم تقم حجتّه على من بعث إليه ، فأمّا بنو هاشم فقد يجوز لهم التقيّة لأنّهم ليسوا الّذين أبدعوا الشّريعة ، فإذا كان أمر المتقدّمين قد أعلن فقد كمل الأمر وجازت التقيّة ، إذ وقف على حال الظّالمين لهم والمنكرين لحقّهم ، وعرف كراهتهم لهم ، ثمّ كانوا في زمن بني أميّة والّذين أباحوا دمائهم حتّى أصبحوا غير آمنين على أنفسهم ، إذ كانت الأمّة لا تنصرهم غير طائفة منها ، فلمّا كانوا غير رسل ولا أنبياء جاز لهم التقيّة ، لأنّ الحظر وقع على النّبيّ (صلىاللهعليهوسلم) الّذي أمر بإظهار الدّعوة إذ كان مبعوثا إلى الكفّار ، فدعاهم إلى الدّخول في الدّين وجالدهم عليه بالسّيف ، فأجابه من أجابه ، وحاد عنه من حاد فلمّا وجبت الدّعوة على من تابعه وصلّى بصلاته ، وصام بصيامه وأقام عمود الدّين ، وكانوا ممّن قام بهم الدّين ، ولم يحتج الأئمّة إلى إظهار أمر خامل (١) وجب على الأمّة طلب الإمام لِقَوْلِ النَّبِيِّ (صلىاللهعليهوسلم) ، لِعَلِيٍّ (عليه السلام) : أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ تُؤْتَى وَلَا تَأْتِي (٢).
٣٤٧ ـ والدّليل على ذلك أنّ الجائرة من بني أميّة الّذين جعلوا المدينة ثغرا ، ومكّة مقتلا ، وهما حرم الله وحرم رسوله (صلىاللهعليهوسلم) ، وكان في طول ما ملكوا وقهروا واستقلّوا وطغوا ، جهدوا مع تمكّنهم و
__________________
(١) في «ش» : حائل.
(٢) أنظر (صلىاللهعليهوسلم) ٣٨٧ من هذا الكتاب.