٣٤٦ ـ وَمِنْ عَجَائِبِهِ : دُعَاؤُهُ عَلَى أَنَسٍ حِينَ ثَقُلَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللهُ بِهَا بَيْضَاءَ (١) فِي وَجْهِكَ كُلِّهِ لَا تُوَارِيهَا الْعِمَامَةُ ، فَبَرِصَ كُلُّهُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ.
فهذه جملة من عجائبه ، ولو شئنا لأتينا بأضعاف ذلك ممّا لا يقدرون على دفعه ، ثمّ لمّا لم يقدروا على دفع ما أوردناه طالبونا بعلّة التقيّة ، وكيف جاز لبني هاشم القعود عن حقّهم في زمان أعدائهم ، ولم يجز للنّبيّ (صلىاللهعليهوسلم) إخفاء نفسه ، فأعلمناهم أنّ الرّسول قد استعمل التقيّة حينا حتّى وجد أعوانا ، فلمّا وجدهم خرج إلى المدينة ، وأظهر الأمر ، على أنّ شرط الرّسول خلاف شرط الإمام بعده لأنّ الرّسول هو مبتدئ الدّعوة ومظهر الشّريعة ، فندعوه إلى إظهار المصلحة ، وبنو هاشم لو كانوا في تقيّة طول مدّتهم لكان الدّين مكتوما ، ولم يكن على ظهر الأرض محجوج إذ كانت الحجّة لا تلزم إلّا بظهور الآية إذا ظهرت ، وإذا أعلن الرّسول ، فقد صارت الدّار علانية ، (٢) ولا يجوز أن يرسل الله رسولا فتكون آياته كلّها في دار التقيّة ، فلا يظهر أمره ولا يشيع خبره والرّسول هو البشير ، ولا بدّ للبشير من علم بصدقه ببرهان يقيمه ولا يجوز أن يحيى الموتى لمن أظهر دعواه وأخفى معناه ، لأنّه فلق البحر
__________________
(١) وفي «ش» : ببيضاء.
(٢) وفي «ح» «ش» : دار.