فهذا قوله في رجلين متكافئين ، فكيف بمن لا يقترن به أحد من الأمّة ، فإذا كان الإمام هذه صفته ، فدليله ظاهر ، فإنّه متى لم تكن هذه صفته ادعاها من لا يصلح لها كما قد ادّعى ، فالنّبيّ خاتم الأنبياء والإمام فلا غنى عنه كما قال الله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (١).
فمن برهان أوّلهم الّذي أقامه النّبيّ (صلىاللهعليهوسلم) أنّ الله خصّه بالذرّية الّتي أبى الله أن يخرجها إلّا من خير أرومة خلقها فإنّ النّبيّ قد صاهره رجال من بني عبد مناف ، منهم : الرّبيع بن أبي العاص وعتبة بن أبي لهب ، وعثمان بن عفّان ، فكان هو المصطفى لكرم النّجل وطيب المغرس.
٣٢٥ ـ ثمّ ما كان يظهر من أمر القوم في فقهه في الدّين وكماله في العلم حتّى كان عمر بن الخطّاب الّذي ادّعوا له تسعة أعشار العلم (٢) وأنّه شارك النّاس في العشر العاشر (٣) لا يمتنع مع كراهته إيّاه وبغضه له
__________________
لما بينهما كما بين السّماء والأرض.
(١) سورة الرّعد ، الآية : ٧.
(٢) انظر طبقات ابن سعد ، ج ٢ (صلىاللهعليهوسلم) ٣٣٦ ، وفيه : لو وضع علم أحياء العرب في كفّة وعلم في كفّة لرجح بهم علم عمر ... وكنّا لنحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم.
(٣) وهو القائل : كلّ النّاس أفقه من عمر كما في شرح النّهج لابن أبي الحديد ، ولو لا عليّ لهلك عمر ، كما في المناقب للخوارزمي ، (صلىاللهعليهوسلم) ٣٩ ، وقال : أعوذ بالله من معضلة لا عليّ لها ، وقال : أللهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها عليّ بن أبي طالب حيّا ، وقال : لا أبقاني الله. بعدك يا عليّ. وأورد أيضا في مقتل الحسين ، ط الغري ، (صلىاللهعليهوسلم) ٤٥.