فما رأينا أحدا إدّعى أمر الإمامة عمل في الجهاد أكثر ممّا عمل عليّ (عليه السلام) ، فلم يخالف بعد رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) في أبي بكر ، ورأيناها مجمعة أنّ عليّا (عليه السلام) أكثر عملا في الجهاد وهي التّجارة الّتي تنجي من عذاب أليهم ، وأنّه (عليه السلام) كان أثبت في الصّف المرصوص الّذي وصفه الله تعالى من أبي بكر ، وكان أقتل للأقران من أبي بكر ، وسمعنا الله جلّ ذكره يقول : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) (١) وكان عليّ (عليه السلام) من أشدّ النّاس تسليما لهذا البيع وأكثر من أبي بكر فعلا ،
وسمعنا الله يقول : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (٢) ولا غلظ أشدّ من القتل وكان عليّ (عليه السلام) أغلظ النّاس على الكفّار من أبي بكر ، لقتله الصناديد والأبطال منهم ، وقد وصف الله أصحاب محمّد (صلىاللهعليهوسلم) ، فقال : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) (٣).
فثبتت هذه الصّفة لعليّ (عليه السلام) دون أبي بكر لشدّته على الكفّار ، وقتله الصّناديد ؛
وسمعنا الله يقول : (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا
__________________
(١) سورة التّوبة ، الآية : ١١١.
(٢) سورة التّوبة : الآية ٧٣ ، وسورة التّحريم : الآية : ٩.
(٣) سورة الفتح : الآية : ٢٩.