رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) يَسِيرُ فِي الْعَقَبَةِ ، إِذْ سَمِعَ حِسَّ الْقَوْمِ قَدْ غَشُّوهُ ، فَغَضِبَ وَأَمَرَ حُذَيْفَةَ أَنْ يَرُدَّهُمْ ، فَرَجَعَ حُذَيْفَةُ إِلَيْهِمْ ، وَقَدْ رَأَى غَضَبَ رَسُولِ اللهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ وُجُوهَ رَوَاحِلِهِمْ بِمِحْجَنٍ كَانَ فِي يَدِهِ (مَعَهُ) وَظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى مَكْرِهِمْ ، فَانْحَطُّوا عَنِ الْعَقَبَةِ مُسْرِعِينَ حَتَّى خَالَطُوا النَّاسَ ، وَأَقْبَلَ حُذَيْفَةُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ وَقَدْ ضَاقَ بِهِ (١) فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْعَقَبَةِ وَنَزَلَ النَّاسُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلىاللهعليهوسلم) لِحُذَيْفَةَ : يَا حُذَيْفَةُ هَلْ عَرَفْتَ رَاحِلَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُلَثِّمِينَ ، فَمَا أَبْصَرَهُمْ مِنْ أَجْلِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ، قَالَ : لَا (٢).
٢٦١ ـ وَرَوَى أَنَّهُمْ حِينَ أَرَادُوا ذَلِكَ نَفَرُوا فَسَقَطَ بَعْضُ مَتَاعِ رَاحِلَتِهِ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ وَنَزَلُوا ، فَمَنْ كَانَ مِنَّا يَظُنُّ بِرَجُلٍ مِنَ الَّذِينَ هَمُّوا بِهَذَا فَيَكُونُ الرَّجُلُ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَهُوَ الَّذِي يَقْتُلُهُ وَإِنْ أَحْبَبْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَأُبَيِّتَنَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِهِمْ ، فَلَا أَرُوحُ حَتَّى آتِيَكَ بِرُءُوسِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا مِنَّا كَفَيْتُكُمْ وَإِنْ كَانُوا مِنَ الْأَنْصَارِ أَمَرْتَ سَيِّدَ الْخَزْرَجِ فَكَفَاكَ مَنْ فِي نَاحِيَتِهِ ، فَإِنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ لَا يُتْرَكُونَ ، إِلَى مَتَى تُدَاهِنُهُمْ؟! أَوْ قَالَ : حَتَّى مَتَى تُدَاهِنُهُمْ؟ ، وَقَدْ صَارُوا الْيَوْمَ فِي الْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَقَدْ ضَرَبَ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ فَمَا تَسْتَبْقِي مِنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ : يَا أُسَيْدُ إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ : إِنَّ مُحَمَّداً لَمَّا انْقَطَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُ
__________________
(١) وفي «ح» و «ش» : فساق به.
(٢) انظر دلائل النّبوّة للبيهقيّ ، ج ٥ (صلىاللهعليهوسلم) ٢٥٦ والبداية والنّهاية لابن كثير ج ٥ (٣) (صلىاللهعليهوسلم) ١٩.