قتالهم فمن المحال أن تجب علينا طاعتهم ، فإذا قالوا لا تجب علينا بالمعاصي ، قيل لهم فأخبرونا عنهم ، فإذا حكموا بغير ما أنزل الله ، وأمروا بقتال من لا يجب عليه القتل أو بقطع من لا يجب عليه القطع فما الواجب علينا؟ نطيعهم أو نقاتلهم؟ فإن قالوا نطيعهم فقد نقضوا قولهم ، وإن قالوا : نقاتلهم فقد أخرجوهم من الإمامة وهذا نقض لقولهم أطيعوه لو كان عبدا حبشيّا ، والخيار هو الّذي لا يحتاج إلى أحد من الأمّة وتحتاج إليه لعلمه ومعرفته (١) ، فأمره ظاهر ، إذ كان الله قد دلّ عليه ودلّ عليه الرّسول وبرىء من النّفاق لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) فِيهِ : لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ (٢) ، وليس لأحد من الأمّة أن يشهد لأحد أنّ الله يحبّه ورسوله ويحبّ الله ورسوله إلّا لعليّ (عليه السلام) ، وقد أيّد ذلك بِقَوْلِهِ (صلىاللهعليهوسلم) : اللهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ ، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ (عليه السلام) ، فَأَكَلَ مَعَهُ ، ولا يعلم لأحد من الأمّة مثلها (٣).
وقد يجب على الأمّة أن تعقل هذا الموضع ، ولا تقدّم على من
__________________
(١) لله درّ خليل بن أحمد العروضي إذ قال : احتياج الكلّ إليه ، وإستغنائه عن الكلّ دليل على أنّه إمام الكلّ.
(٢) أورد هذا الحديث أبو حاتم ابن حبّان في كتاب الثقات ج ٢ (صلىاللهعليهوسلم) ١٢.
(٣) أنظر حديث الطّير وطرقه العديدة في ترجمة الإمام علي عليهالسلام من تاريخ دمشق ج ٢ ، (صلىاللهعليهوسلم) ١٠٥ ط بيروت. ومقتل الحسين للخوارزمي ، (صلىاللهعليهوسلم) ٤٦. قال الخوارزمي : أخرج الحافظ ابن مردويه هذا الحديث بمأة وعشرين إسنادا.