فضيلة أظهر من هذه الفضيلة على النّبيّ (صلىاللهعليهوسلم) الّتي حكوها في هذا الخبر ، وفيما رووه من هذه الأخبار الّتي أخرجناها ، وشرحناها ، وإنّما فعلنا ذلك ليعلم النّاظر في كتابنا ، أنّ من لفّق هذه العجائب ، وروي فيه هذه الأخبار الّتي لو رويت في سيّد ولد آدم الّذي هو زين القيامة ، كان ذلك عندهم منكرا ، ولم ينكروه في رجل قد عبد الأوثان ، وأشرك بالله أربعين سنة ، بل تلقّوا ذلك بالقبول ميلا منهم إليه! ، وحملا على بني هاشم أهل بيت النّبوّة ؛
٢٣٤ ـ وهذا هو الّذي يروى عنه ، أنّه قام بظلم فاطمة (عليه السلام) ، وامتنع أن يحمل الصّحيفة ، والدّواة إلى رسول الله ، وهو الّذي نسبه إلى أنّه هجر! ، ثمّ قال : حسبنا كتاب الله ردّا منه على النّبيّ ، ممّا علم من مراده ، ولو علم أنّ هذا الأمر فيه أو في صاحبه ، لبادر بالصّحيفة والدّواة ، وفي قوله : حسبنا كتاب الله الكفر بالله ، لأنّ جلّ ذكره يقول : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) ، وفي فعله وردّه ما أمر الرّسول به ما هو دليل على ما ذكرناه ، والله المستعان.
٢٣٥ ـ وَرَوَوْا طَامَّةً أُخْرَى ، وَهِيَ : أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ : وُزِنْتُ بِأُمَّتِي فَرَجَحْتُ ثُمَّ وُزِنَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ فَرَجَحَ (٢) ، ثُمَّ وُزِنَ بِهَا عُمَرُ فَرَجَحَ ، ثُمَّ رَجَحَ
__________________
(١) سورة الحشر الآية : ٧.
(٢) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٢ (صلىاللهعليهوسلم) ١٧٨. انظر المحاسن والمساوي للبيهقي (صلىاللهعليهوسلم) ٥٣ وفيه : وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه قال : لو وزن إيمان أبي بكر