النَّبِيُّ لِلشَّاعِرِ : عُدْ فِيمَا كُنْتَ فِيهِ ، فَعَادَ الشَّاعِرُ ، فَدَخَلَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلىاللهعليهوسلم) اسْكُتْ ، فَسَكَتَ ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ الشَّاعِرُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هَذَا الَّذِي تُسْكِتُنِي لَهُ إِذَا دَخَلَ ، وَتَأْمُرُنِي بِالْإِنْشَادِ إِذَا خَرَجَ!؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلىاللهعليهوسلم) هَذَا عُمَرُ ، وَهُوَ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ؟!! (١).
فأيّ كفر وعتوّ وفجور يكون من قوم هو أعظم وأفحش من رواية قوم عن النّبيّ نسبوه فيها إلى حبّ الباطل!؟ ، وأنّ عمر لا يحبّه ، ولا يشهده والنّبيّ يشهده ، فنزّهوا عمر بن الخطّاب ممّا لم ينزّهوا عنه النّبيّ الطّاهر المطهّر الّذي قد فضّله الله على خلقه ، ولولاه ما خلق الله الدّنيا ، فأيّ
__________________
(١) حلية الأولياء ج ١ (صلىاللهعليهوسلم) ٤٩ ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن كيسان حدّثنا اسماعيل بن اسحاق القاضي ، حدّثنا حجّاج بن منهال ، حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن يزيد بن جدعان عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة عن الأسود بن سريع قال : أتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقلت : قد حمدت ربّي بمحامد ومدح وإيّاك فقال : إنّ ربّك عزوجل يحبّ الحمد فجعلت أنشده فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اسكت فدخل فتكلّم ساعتا ثمّ خرج فأنشدته ثمّ جاء فسكّتني النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فتكلّم ثمّ خرج فأنشدته ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا فقلت يا رسول الله من هذا الّذي أسكتّني له فقال : هذا عمر رجل لا يحبّ الباطل.
وفي حديث بعده عن الزّهري عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة عن الأسود التميمي قدمت على النّبي صلىاللهعليهوسلم فجعلت أنشده فدخل رجل طوال أقنا فقال لي أمسك فلمّا خرج قال هات فقلت من هذا يا نبيّ الله هل الذي إذا دخله قلت أمسك وإذا خرج قلت هات قال : هذا عمر بن الخطّاب وليس من الباطل في شيء.