وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) (١).
١٧٠ ـ إنّ مثل ذلك أيّام رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ، حين انصرف من الحديبية ، وكان فتح خيبر ، بين فتح المدينة ، وفتح مكّة ، فسار إليهم حتّى نزل بساحتهم ، وقد تلا على أمّته من بني إسماعيل ما تلاه موسى على أمّته من بني إسرائيل ، من ضمان الله لهم بالفتح ، فأخذ الرّاية الأوّل (٢) فانصرف منهزما ، فهذا من كلام بني إسرائيل الأوّل : (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) ، ثمّ أخذ الرّاية الثّاني (٣) ، وكان ذلك سبيله فانصرف منهزما ، يجبّن أصحابه ويجبّنونه من غير قتال ولا لقاء فكانت سنّة القوم (٤) من الثّاني ، (إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها) ، فهذا عملها ، والقصّة تطول حتّى قَالَ النَّبِيُّ (صلىاللهعليهوسلم) : لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ كَرَّاراً غَيْرَ فَرَّارٍ ، فسمّي من أعطاه الرّاية كرّارا ، وسمّي من انهزم فرّارا (٥)؟.
ثمّ ما فعله خالد بن الوليد في بني جذيمة حين قَالَ النَّبِيُّ (صلىاللهعليهوسلم) :
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٢٥.
(٢) وهو : أبو بكر.
(٣) وهو : عمر بن الخطّاب.
(٤) وفي نسخة «ش» : القول.
(٥) مناقب ابن المغازليّ : ط ١ (صلىاللهعليهوسلم) ١٧٦ ، وثقات ابن حبّان ج ٢ (صلىاللهعليهوسلم) ١٢.