[رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) وَالْمُسْلِمُونَ فِي غَدِيرِ خُمٍّ
بَعْدَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ]
١٥٦ ـ فَلَمَّا قَضَى حَجَّهُ ، وَصَارَ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، أَمَرَهُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ بِإِظْهَارِ أَمْرِ عَلِيٍّ (عليه السلام) فَكَأَنَّهُ أَمْسَكَ لِمَا عَرَفَ مِنْ كَرَاهَةِ النَّاسِ لِذَلِكَ إِشْفَاقاً عَلَى الدِّينِ وَخَوْفاً مِنِ ارْتِدَادِ الْقَوْمِ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١).
فَمَا أَمْهَلَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِيلَانِ ، وَلَا انْتَظَرَ بِهِ وَقْتَ الصَّلَاةِ ، وَقَدْ قَرُبَ وَقْتُهَا! فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا وَالرَّمْضَاءُ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِأَمْرٍ عَجِيبٍ! فَنَادَى : الصَّلَاةَ جَامِعَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ : الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ، وَالْقُرَشِيِّ وَالْعَرَبِيِّ ، وَقَدْ كَانَ الدِّينُ قَدْ كَمُلَتْ شَرَائِعُهُ غَيْرَ الْإِمَامَةِ وَالْوَلَايَةِ ، فَأَكْمَلَهَا عَزَّ وَجَلَّ بِعَلِيٍّ ، قَالُوا : فَخَرَجْنَا وَالرَّمْضَاءُ تَحْتَ أَرْجُلِنَا ، فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ ، وبعض رواة الخبر زاد على بعض ، ونحن نذكر بعضا.
__________________
(١) سورة المائدة : ٦٧.